امتحان
أهل السُّنة والجماعة بخصوصهم
يواصل شيخ
الإسلام ابن تَيْمِيَّةَ رحمه الله حديثه عن مذهب أهل السُّنة عبر التاريخ، وما مر
به من محن وابتلاء تارة، وانتصار وعز تارات، فيقول: وكان في أيام المُتَوَكِّل قد
عَزَّ الإسلامُ حتَّى ألزم أهل الذمة بالشروط العُمَرية، وأُلزِمُوا الصَّغَارَ
فعَزَّت السُّنة والجماعة وقُمِعَت الجَهْمِيَّة والرافضة - ونحوهم - وكذلك في
أيام المُعْتَضِد والمَهْدِي والقادر وغيرهم من الخلفاء الذين كانوا أحمدَ سيرة
وأحسنَ طريقة من غيرهم، وكان الإسلام في زمنهم أعزَّ، وكانت السُّنة بحسب ذلك.
وفي دولة بني
بُوَيْه - ونحوهم - كان الأمر بالعكس؛ فإنهم كان فيهم أصنافُ المذاهب المذمومة،
وقوم منهم زنادقة، وفيهم قرامطة كثيرة ومتفلسفة ومعتزلة ورافضة، وهذه الأشياء
كثيرة فيهم غالبة عليهم، فحصل في أهل الإسلام والسُّنة في أيامهم من الوَهَن ما لم
يُعرف، حتَّى استولى النصارى على ثغور الإسلام وانتشرت القرامطة في أرض مصر والمغرب
والمشرق - وغير ذلك - وجرت حوادثُ كثيرة.
ولما كانت مملكة محمود بن سُبُكْتِكِينَ من أحسن ممالك بني جنسه كان الإسلام والسُّنة في مملكته أعزَّ؛ فإنه غزا المشركين من أهل الهند ونشر من العدل ما لم ينشره مثلُه! فكانت السُّنة في أيامه ظاهرة والبدع في أيامه مقموعة، وكذلك السلطان نور الدين محمود الذي كان بالشام عَزَّ أهل الإسلام والسُّنة في زمنه، وذَلَّ الكفارُ وأهلُ البدع ممن كان بالشام ومصر وغيرها من الرافضة والجَهْمِيَّة ونحوهم، وكذلك ما كان في زمنه من خلافة بني العباس ووزارة ابن هُبَيْرَة لهم؛ فإنه كان من أمثل
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد