×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

بِه إلاَّ فِي بِلادِ أهلِ البِدَعِ مثلُ بِلادِ الرافِضَةِ والخَوَارِجِ؛ فإنَّ المُؤمنَ المُستَضْعَفَ هُناكَ قد يَكتُمَ إيمَانَهُ، واستِنَانَه؛ كما كَتَم مُؤمِنُ آلِ فِرعونَ إيمَانَهُ، وكمَا كَانَ كَثيرٌ مِن المُؤمِنينَ يَكْتُمُ إيمَانَه حينَ كانُوا فِي دَارِ الحَربِ؛ فإنْ كَانَ هَؤُلاءِ فِي بلدٍ أنتَ لكَ فِيهِ سُلطانٌ، وقد تَسَتَّرُوا بِمَذْهَبِ السَّلَفِ فَقَد ذَمَمتَ نَفْسَكَ حيثُ كُنتَ مِن طائفةٍ يُسْتَتَرُ بِمَذْهَبِ السَّلَفِ عِندَهُم، وإِنْ كُنتَ مِن المُسْتَضْعَفِينَ المُسْتَتِرينَ بِمَذهَبِ السَّلَفِ فلا مَعْنى لِذَمِّ نَفْسِكَ، إن لم تَكُن مِنهم ولا مِنَ المَلأِ فلا وَجْهَ لِذَمِّ قَومٍ بِلَفْظِ التَّسَتُّرِ، وإنْ أَرَدْتَ بِالتَّسَتُّرِ أنَّهُم يَجْتَنُّون به ويَتَّقُون به غَيرَهُم ويَتَظَاهَرونَ بِه حتَّى إذا خُوطِبَ أحدُهم قال: أنا على مَذْهَبِ السَّلَفِ، وهذا هُو المَعْنَى الذي أَرادَه واللهُ أعلَمُ، فيُقالُ له: لا عَيبَ على مَن أظهَرَ مَذهَبَ السَّلَفِ وانْتَسَبَ إليه واعْتَزَى إليه، بل يَجِبُ قَبُولُ ذلك منه بالاتِّفَاقِ؛ فإنَّ مذهَبَ السَّلَفِ لا يَكُونُ إلاَّ حقًّا، فإن كَانَ مُوافقًا له ظَاهِرًا وبَاطِنًا فهُو بمَنْزِلَةِ المؤمنِ الذي هُو على الحقِّ بَاطِنًا وظَاهِرًا، وإِنْ كانَ مُوافِقًا له فِي الظَّاهِر دُونَ البَاطِنِ فهُو بمنزلةِ المُنافِقِ فتُقْبَلُ منه علانِيَتُه وتُوكلُ سَرِيرتُه إلى اللهِ؛ فإنَّا لم نُؤمَرْ أن نُنَقِّبَ عن قلوبِ الناسِ ولا نَشُقُّ بُطُونَهم.

***

بَيَانُ صِفَتِي التَّشبيهِ والتَّجْسِيمِ

يَرُدُّ شَيخُ الإسْلاَمِ ابنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله على مَنْ يَقُولُ إِنَّ مَذهبَ السَّلَفِ إنَّما هُو التوحيدُ والتنزِيهُ دُونَ التجسِيمِ والتَّشبيهِ، فَيَقُولُ رحمه الله : لفظُ التوحيدِ والتَّنْزِيهِ والتَّشبِيهِ والتَّجسيمِ ألفاظٌ قد دخَلَها الاشتِرَاكُ بِسَببِ اخْتِلافِ اصْطِلاحَاتِ المُتَكَلِّمينَ وغَيرِهم، وكلُّ طائِفةٍ تَعْنِي بهذه الأسْمَاءِ ما لا يَعْنِيهِ غَيرُهُم.


الشرح