فالجَهْمِيَّةُ
مِن المُعْتَزِلَةِ وغَيرُهم يُريدونَ بالتوحِيدِ والتنزِيهِ نَفْيَ جَمِيعِ
الصِّفَاتِ، وبالتجسيمِ والتَّشبيهِ إثباتَ شيءٍ منها، حتَّى إنَّ مَن قَال: إِنَّ
اللهَ يَرَى، أو أنَّه له عِلمًا فهو عِندَهُم مُشَبِّهٌ مُجَسِّمٌ.
وكثيرٌ مِن
المُتَكَلِّمَةِ الصِّفَاتِيَّةِ يُرِيدُونَ بِالتَّوحِيدِ والتنزِيهِ نَفْيَ
الصِّفَاتِ الخَبَرِيَّةِ أو بَعْضِها، وبالتجسِيمِ والتشبيهِ إثباتَها أو
بَعْضَها.
والفَلاسِفَةُ
تَعْنِي بالتَّوحِيدِ ما تَعْنِيهِ المُعتزِلَةُ، وزِيادةٌ حتَّى يقُولُونَ: لَيسَ
له إلاَّ صِفاتٌ سَلبيَّةٌ أو إضافيَّةٌ أو مُرَكَّبَةٌ مِنهُما.
والاتِّحَادِيَّةُ
تَعْنِي بالتوحيدِ أنه الوُجُودُ المُطلَقُ.
ولغيرِ هؤلاءِ
فيه اصْطِلاَحَاتٌ أُخْرَى.
وأمَّا
التوحِيدُ الذي بعَثَ اللهُ به رُسُلَهُ وأَنْزَل بِه الكُتُبَ فلَيس هُو
مُتَضَمِّنًا شَيئًا مِن هذِه الاصْطِلاحَاتِ، بلْ أَمَرَ اللهُ عِبَادَه أنْ
يَعْبُدُوه وَحْدَه ولا يُشرِكُوا به شَيئًا؛ فَلا يَكُونُ لِغَيرِه نَصِيبٌ فيما
يَخْتَصُّ بِه مِنَ العِبَادَةِ وتَوَابِعِها، هذا فِي العَمَلِ؛ وفِي القَولِ:
هُو الإيمانُ بِمَا وَصَفَ بِه نَفْسَهُ ووصَفَهُ بِه رَسُولَهُ.
فإذَا كُنتَ
تَعْنِي أَنَّ مَذهَبَ السَّلَفِ هُو التوحِيدُ بالمَعنَى الذي جَاءَ به الكِتَابُ
والسُّنَّةُ فهَذَا حَقٌّ، وأهلُ الصِّفَاتِ الخَبَرِيَّةِ لا يُخَالِفُون هذا،
وإن عَنَيْتَ أنَّ مذهَبَ السَّلفِ هو التوحيدُ والتنزيهُ الذي يَعْنِيه بعضُ
الطَّوَائِفِ فهذا يَعْلَمُ بُطْلانَهُ كُلُّ مَن تَأمَّلَ أقوالَ السَّلفِ
الثابتةِ عنهم الموجودةِ في كُتُبِ آثَارِهِم؛ فليسَ فِي كَلاَمِ السَّلَفِ
كَلِمَةٌ تُوافِقُ ما تَخْتَصُّ به هذه الطَّوائِفَ ولا كَلِمَةٌ تَنْفِي
الصِّفَاتِ الخَبَرِيَّةِ.
ومِنَ المَعْلُومِ أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ إِنْ كانَ يُعْرَفُ بالنَّقلِ عَنهم فَلْيُراجِعَ في ذلك الآثارُ المَنْقُولَةُ عنهم، وإِنْ كَانَ إنَّما يُعْرَفُ بالاسْتِدلالِ المَحْضِ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد