وقَالَ تَعَالَى: {وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن
دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ
زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ﴾ [الزمر: 3] ؛ فبيَّنَ سُبْحَانَهُ مقصودَهُم من
اتِّخاذِ هَذِهِ الآلهةِ وَهُوَ طلبُ الشَّفاعةِ منها لهم عِنْدَ اللهِ، وأنْ
تُقرِّبَهم إِلَى اللهِ زُلفى، واللهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يشرعْ لعبَادِه أن
يجعَلُوا بينَهُم وبينَهُ وسَائِطَ في دُعَائِهم لَهُ وقضاءِ حَوائجِهم، بل أمرَ
بدُعائِه مباشرةً من غيرِ اتِّخاذِ وَاسطةٍ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ
أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غافر: 60] .
***
توحِيدُ
الأُلوهِيَّةِ هُوَ حقُّ اللهِ عَلَى خَلقِه
توحيدُ
الألوهِيَّةِ هُوَ حقُّ اللهِ عَلَى عبادِهِ؛ قالَ الشَّيخُ رحمه الله : ومن
تحقيقِ التوحيدِ أن يعلمَ أن اللهَ تَعَالَى أثبتَ لَهُ حقًّا لا يشْرِكُه فِيهِ
مخلوقٌ كالعبادَةِ والتَّوكُّلِ والخوفِ والخشيةِ والتَّقوى، كَمَا قالَ تَعَالَى:
{لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومٗا
مَّخۡذُولٗا﴾ [الإسراء: 22] ،
وقَالَ تَعَالَى: {إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ
بِٱلۡحَقِّ فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ﴾ [الزمر: 2] ، وكُلّ مِنَ الرُّسُلِ يقولُ
لقَومِه: {ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ﴾ [الأعراف: 59] ، وقَدْ قالَ تَعَالَى في
التَّوكُّلِ: {وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [المائدة: 23] ، {وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [آل عمران: 122] ، وقَالَ: {قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونََ﴾ [الزمر: 38] ، وقَالَ تَعَالَى: {وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ
حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ
إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ﴾ [التوبة: 59] ،
فقَالَ في الإتيَانِ: {مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ
وَرَسُولُهُۥ﴾ [التوبة: 59] ،
وقَالَ في التَّوكُّلِ: {وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ﴾ [التوبة: 59] ، ولَمْ يقل: ورَسُوله؛ لأنَّ
الإتيانَ هُوَ الإعطاءُ الشَّرعيُّ، وذَلِكَ
الصفحة 1 / 471