يتضمَّنُ
الإباحةَ والحلالَ الَّذِي بلَّغَه الرَّسُولُ، فإِنَّ الحلالَ ما أحلَّهُ،
والحرامَ ما حرَّمَه، والدِّينَ ما شَرعَه، قالَ تَعَالَى: {وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ﴾ [الحشر: 7] ، وأَمَّا الحسبُ فهو الكَافي، واللهُ
وحده كَافٍ عبدَهُ، كَمَا قالَ تَعَالَى: {ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ
إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا
وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173] ، فهو وحْدَهُ حسبُهم كُلُّهم،
وقَالَ تَعَالَى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ
وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الأنفال:
64] ، أي: حَسْبُكَ وَحَسب من اتِّبَعكَ مِنَ المُؤْمِنينَ هُوَ اللهُ فهو
كَافِيكُم كُلّكم، ولَيْسَ المرادُ أنَّ اللهَ والمؤمنين حَسبك كَمَا يَظُنُّه
بَعْض الغَالِطِين؛ إذ هُوَ وحده كَافٍ نَبِيَّه وَهُوَ حَسبُه، لَيْسَ معه من
يَكُونُ هُوَ وإيَّاه حسبًا للرَّسُولِ.
وقَالَ في الخوفِ والخَشيةِ والتَّقْوَى: {وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ﴾ [النور: 52] ، فأثبتَ الطَّاعةَ للهِ والرَّسُولِ، وأثبتَ الخشيةَ والتَّقْوَى للهِ وحدَهُ، كَمَا قالَ نوحٌ عليه السلام : {قَالَ يَٰقَوۡمِ إِنِّي لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٌ ٢ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ٣﴾ [نوح: 2- 3] ، فجعلَ العبادَةَ والتَّقوى للهِ، وجعلَ الطَّاعةَ للرَّسولِ، فإِنَّهُ من يطعِ الرَّسُولَ فقَدْ أطاعَ اللهَ، وقَدْ قالَ تَعَالَى: {فَلَا تَخۡشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ﴾ [المائدة: 44] ، وقَالَ تَعَالَى: {فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175] ، وقَالَ الخليلُ عليه السلام {وَكَيۡفَ أَخَافُ مَآ أَشۡرَكۡتُمۡ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمۡ أَشۡرَكۡتُم بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ عَلَيۡكُمۡ سُلۡطَٰنٗاۚ فَأَيُّ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ أَحَقُّ بِٱلۡأَمۡنِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨١ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ ٨٢﴾ [الأنعام: 81- 82] ، وفي «الصَّحِيحَينِ» عَنِ ابنِ مسعودٍ أنَّهُ قالَ: لمَّا نزلَتْ هَذِهِ الآيةُ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أصحابِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وقالوا: وأَيّنا لَمْ يظْلِمْ نَفْسَهُ؟