العُلومِ التي
هِيَ طَعَامُهَا وشرَابُها، كما قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ كُلَّ آدِبٍ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى
مَأْدُبَتُهُ وَإِنَّ مَأَدُبَةَ اللهِ هِيَ الْقُرْآنُ» ([1]).
وكَمَا قَالَ
تعالى: {أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَالَتۡ أَوۡدِيَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ
ٱلسَّيۡلُ زَبَدٗا رَّابِيٗاۖ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيۡهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَآءَ
حِلۡيَةٍ أَوۡ مَتَٰعٖ زَبَدٞ مِّثۡلُهُۥۚ﴾ [الرعد: 17] ، وفي «الصَّحِيحينِ» عن أبي مُوسَى
عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَثَلُ
مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ أَصَابَ أَرْضًا،
فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ
وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ أمسكت الماء فَسَقَى النَّاسُ
وَزَرَعُوا، وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ إِنَّمَا هِيَ قِيعَانُ لاَ تُمْسِكُ
مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلَأً؛ فَذَلِكَ مِثْلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللهِ
وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، وَمَثَلُ مَنْ
لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ
بِهِ» ([2])؛ فضرَبَ مَثلَ الهُدى والعِلمَ الَّذِي يتنزَّلُ على
القُلُوبِ بِالماءِ الذي ينزلُ على الأَرضِ، كَمَا أَنَّ للهِ ملائكةً موكَّلةً
بالسَّحَابِ والمطَرِ فَلِلَّهِ ملائكةٌ موكَّلةٌ بالعِلمِ والهُدَى: هَذَا رِزقُ
القلُوبِ وقُوتُها، وَهَذَا رِزْقُ الأَجْسَادِ وقُوتُها.
قَالَ الحَسَنُ البصرِيُّ في قَولِهِ تعالى: {وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ﴾ [البقرة: 3] ، قَالَ: إِنَّ مِن أعْظَمِ النَّفَقةِ نفقَةُ العِلمِ أو نحوِ هَذَا الكَلامِ، وفِي أَثَرٍ آخَرَ: نِعْمَتِ العَطِيَّةُ وَنِعْمَتِ الهَدِيَّةُ الْكَلِمَةُ مِنَ الخَيرِ يَسْمَعُهَا الرَّجُلُ فَيُهْدِيها إِلى أَخٍ لَهُ مسلمٍ، وفي أَثَرٍ آخَرَ عن أبي الدَّردَاءِ: مَا تَصَدَّقَ عَبْدٌ بِصَدَقَةٍ أَفْضَلُ مِن مَوعِظَةٍ يَعِظُ بِهَا إِخْوَانًا لَهُ مُؤْمِنينَ فَيَتَفَرَّقُونَ وَقَدْ نَفَعَهُمُ
([1])أخرجه: الدارمي رقم (3321)، والحاكم رقم (2040)، والبيهقي في «الشعب» رقم (1786).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد