×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

يَحْصُلُ كلٌّ منها باتِّبَاعِ الآراءِ الكَلامِيَّةِ والقَوَاعِدِ المنطِقِيَّةِ، فيَقُولُ رحمه الله : وعامَّةُ هذه الضَّلاَلاتِ إنما تَطْرُقُ مَن لم يَعْتَصِمْ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ، كما كان الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: كانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ: الاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ هُو النَّجَاةُ، وقالَ مَالِكٌ: السنَّةُ سَفِينَةُ نوحٍ مَنْ رَكِبَها نجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْها غَرِقَ، وذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ والشَّرِيعةَ والمِنهَاجَ هو الصِّراطُ المُسْتَقِيمُ الَّذِي يُوَصِّلُ العِبَادَ إلى اللهِ، والرَّسُولُ هُو الهَادِي الخِرِّيت فِي هذا الصِّراطِ؛ كما قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ٤٥ وَدَاعِيًا إِلَى ٱللَّهِ بِإِذۡنِهِۦ وَسِرَاجٗا مُّنِيرٗا ٤٦ [الأحزاب: 45- 46] ، وقال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٥٢ صِرَٰطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلۡأُمُورُ ٥٣ [الشورى: 52- 53] ، وقال تعالى: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ [الأنعام: 153] .

وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مسعودٍ ([1]) خطَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطًّا، ثم قَالَ: هَذَا سَبِيلُ اللهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عن يمينِه وشِمَالِه، ثُمَّ قال: هذا سبيلُ اللهِ وهذهِ سُبُلٌ على كُلِّ سبيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيهِ، ثُمَّ قَرَأَ {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ [الأنعام: 153] ، وَإذَا تَأَمَّلَ العَاقِلُ الِّذِي يَرْجُو لِقَاءَ اللهِ هَذَا المثالُ، وتأمَّلْ سائرَ الطَّوائِفِ مِنَ الخَوَارِجِ ثم المُعْتَزِلَةِ ثم الجَهْمِيَّةِ والرَّافِضَةِ، ومَن أقْرَبُ منهم إلى السُّنَّةِ مِن أهلِ الكَلامِ، مِثلُ الكرَّامِيةِ والكُلاَّبِيةِ والأَشْعَرِيَّةِ وغيرِهم، وأنَّ كلًّا منهُم لَهُ سبيلٌ يَخْرُجُ به عمَّا عليهِ الصَّحَابَةُ وأَهْلُ


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (2668)، وأبو يعلى رقم (2722)، والحاكم رقم (2938).