لا تختلفُ عَنْ نظرةِ المشركِينَ؛ فقَالَ رحمه
الله : وكَذَلِكَ طَوائِفُ من أهلِ التَّصوُّفِ والمنتسِبِينَ إِلَى المعرفةِ، أي:
ما يُسمّون العارفِينَ باللهِ، غاية ما عندهم مِنَ التوحيدِ هُوَ شُهود هَذَا
التَّوحيدِ، وأنْ يشْهَدَ أنَّ اللهَ رَبُّ كُلِّ شيءٍ ومَلِيكُهُ وخَالِقُه،
ومعلومٌ أنَّ هَذَا هُوَ تحقيقُ ما أقَرَّ به المشْرِكُون مِنَ التَّوحيدِ ولا
يصِيرُ الرَّجُلُ بمجرَّدِ هَذَا التَّوحيد مُسلِمًا، فضلاً عَنْ أَنْ يَكُونَ
وليًّا للهِ، أو من سادَات الأولياءِ.
إِلَى أنْ قالَ
رحمه الله : فإقْرَارُ المُشرِكِ بأنَّ اللهَ ربُّ كُلِّ شيءٍ ومليكُه وخالقُه لا
يُنجِّيهِ من عذابِ اللهِ، إن لَمْ يقْتَرِنْ به إقْرَارُه بأَنَّهُ لا إله إلاَّ
الله فلا يستحِقُّ العبادةَ أحَدٌ إلاَّ هُوَ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ،
فيَجِبُ تصْدِيقُه فِيمَا أخبرَ، وطاعته فِيمَا أمرَ.
قالَ رحمه الله
: فلا بُدَّ مِنَ الكلامِ في هذين الأصلين: الأصلُ الأوَّلُ: بيانُ حَقِّ اللهِ
تَعَالَى، وَهُوَ: تَوحِيدُ الألوهِيَّةِ، والأصل الثاني: بيانُ حَقِّ
الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم .
فأمَّا
الأصلُ الأوَّلُ: وَهُوَ توحيدُ الألوهِيَّةِ: فإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أخبر عَنِ المشركين بأنَّهُم أثبَتُوا
وَسائِطَ بينهم وبين اللهِ؛ يدعونهم ويتَّخِذُونهم شُفَعاءَ بِدُونِ إذْنِ اللهِ،
قالَ تَعَالَى: {وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ
مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا
عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبُِّٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [يونس: 18] ؛ فأخبر أَنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ
اتَّخذُوا هَؤُلاَءِ مُشركُونَ.
وقَالَ تَعَالَى عَنْ مُؤْمِنِ يس: {وَمَا لِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ٢٢ ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةً إِن يُرِدۡنِ ٱلرَّحۡمَٰنُ بِضُرّٖ لَّا تُغۡنِ عَنِّي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡٔٗا وَلَا يُنقِذُونِ ٢٣ إِنِّيٓ إِذٗا لَّفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ٢٤ إ ِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ ٢٥﴾
الصفحة 3 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد