الأَْعْمَالِ وَالأَْقْوَالِ وَالاِعْتِقَادِ
وَغَيْرِهَا مِنْ كُلِّ فَضِيلَةٍ أَنَّ خَيرَهَا القرنُ الأوَّلُ ثُمَّ الذينَ
يَلُونَهُم؛ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهم ([1])، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم مِن غَيرِ وَجْهٍ ([2])، وأنَّهُم أَفْضَلُ مِن الخَلَفِ فِي كُلِّ فَضيلةٍ مِن
عِلمٍ وعَمَلٍ وإِيمَانٍ وعَقْلٍ ودِينٍ وبَيَانٍ وعِبَادَةٍ، وأنهم أَوْلَى
بِالبيانِ لِكُلِّ مُشْكِلٍ، هذا لا يَدْفَعُه إلاَّ مَن كَابَرَ المَعلومَ مِنَ
الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مِن دِينِ الإسْلاَمِ وأضلَّهُ اللهُ على عِلمٍ، كما
قَالَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضي الله عنه مَن كانَ مِنكُم مُستنًا فَليستنَّ
بِمَنْ قَد مَات؛ فإنَّ الحَيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتنةُ، أولئكَ أصحابُ مُحمِّدٍ
أَبَرُّ هذهِ الأُمَّةِ قُلُوبًا وأعمقُها عِلمًا، وأقلُّها تَكَلُّفًا، قومٌ
اختَارَهُم اللهُ لصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وإقَامَةِ دِينِه، فاعْرِفُوا لَهُم
حَقَّهُم وتَمَسَّكُوا بِهَدْيِهم؛ فإنَّهم كانُوا على الهَديِ المُسْتَقِيمِ،
وقالَ غَيرُه: عَليكُم بِآثارِ مَنْ سَلفَ، فإنَّهم جَاءُوا بِمَا يَكْفِي ومَا
يَشْفِي، ولم يَحْدُثْ بَعْدَهُم خَيْرٌ كامِنٌ لم يَعْمَلُوه.
هَذَا وقَد قَال صلى الله عليه وسلم : «لاَ يَأْتِي زَمَانٌ إلاَّ وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ» ([3]) فكيفَ يَحْدُثُ لنا زَمَانٌ فِيه الخَيرُ فِي أَعْظَمِ المَعلُومَاتِ وهُو مَعْرِفَةُ اللهِ تعالى؟ هَذَا لا يَكُونَ أَبدًا، ومَا أحْسَنَ ما قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله في رِسالَتِهِ: هُم فَوْقَنَا فِي كُلِّ عِلمٍ وعَقْلٍ ودِينٍ وفَضْلٍ، وكلُّ سَببٍ يُنَالُ به عِلمٌ أو يُدرَكُ به هُدًى، ورأيُهُم لنا خَيرٌ مِن رَأيِنَا لأنفُسِنا، وأيضًا يُقَالُ لهم - أي عُلماءِ الكَلامِ - : كَيفَ تَدَّعُونَ طَريقةَ السَّلَفِ؟ وغايةَ مَا عِندَ السَّلَفِ أن يَكُونُوا مُوافِقينَ لِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ فإنَّ عامَّةَ ما عِندَ السَّلفِ مِنَ
([1])أخرجه: البخاري رقم (2509)، ومسلم رقم (2533).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد