×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

فَهَدَىٰ [الضحى: 7] ، وقَالَ {نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ [يوسف: 3] ، فأخبر أنَّهُ كَانَ قبله مِنَ الغافلين، وقَالَ: {وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ [الشورى: 52] ، وفي «صَحِيح البُخَارِيّ» في خطبةِ عُمرَ لمَّا تُوفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كلام معناه: أنَّ اللهَ هَدى نَبِيَّكُمْ بِهَذَا القُرآنِ فَاسْتَمْسِكُوا بِهِ.

بَيَّنَ الشَّيخُ رحمه الله بهذا الكلامِ الَّذِي سبقَ ذِكْرُه أنَّ اهتداءَ الأنبياءِ وغيرهم مِنَ الخلقِ إِنَّمَا هُوَ بالوحْيِ المنزَّلِ لا بالعَقْلِ المُجرَّدِ، ثُمَّ أشارَ إِلَى أنَّ هدايَةَ الأُممِ إِنَّمَا تَكُونُ باتِّبَاعِ الرُّسلِ فقَالَ: وتقريرُ الحُجَّةِ في القرآنِ بالرُّسلِ كثيرٌ؛ كقوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ [النساء: 165] ، وقَولُهُ {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولٗا [الإسراء: 15] ، وقَولُهُ {وَلَوۡ أَنَّآ أَهۡلَكۡنَٰهُم بِعَذَابٖ مِّن قَبۡلِهِۦ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولٗا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ [طه: 134] ، وقَولُهُ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبۡعَثَ فِيٓ أُمِّهَا رَسُولٗا [القصص: 59] ، وقَولُهُ: {كُلَّمَآ أُلۡقِيَ فِيهَا فَوۡجٞ سَأَلَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ [الملك: 8] ، وقَولُهُ {وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ [الزمر: 71] .

ثُمَّ بَيَّنَ رحمه الله أنَّ منهجَ المصنِّفينَ من أهْلِ السُّنَّةِ مبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الأصلِ فقَالَ: ولِهَذَا كَانَ طائِفَةٌ من أئِمَّةِ المُصنِّفينَ للسُّننِ عَلَى الأبوابِ إِذَا جمَعُوا فيها أصنَافَ العلمِ ابتَدَءُوهَا بأصلِ العلمِ والإيمانِ، كَمَا ابتدأ البُخارِيُّ «صحيحَه» ببدْءِ الوَحيِ ونُزُولِه، فأخبرَ عَنْ صفةِ نُزولِ العلمِ والإيمانِ عَلَى الرَّسُولِ أولاً، ثُمَّ أتْبَعَه بكتَابِ الإيمانِ الَّذِي: هُوَ الإقرارُ بما جاءَ به، ثُمَّ بكتابِ العلمِ الَّذِي هُوَ معرفَةُ ما جاء به فرتَّبهُ التَّرتيبَ 


الشرح