الحقيقيَّ،
وكَذَلِكَ الإمامُ أبو مُحَمَّد الدَّارِمي صَاحِب «المسند» ابتدَأَ كتَابَه
بدَلائلِ النُّبوَّةِ وذكر في ذَلِكَ طرفًا صالحًا.
ولمَّا كَانَ
أصلُ العلمِ والهدى هُوَ الإيمانُ بالرِّسَالةِ المتضمِّنة للكتاب والحكمة؛ كَانَ
ذكره طريق الهداية بالرِّسالة الَّتِي هي القرآن، وما جاءت به الرُّسلُ كثيرًا
جِدًّا؛ كقَولِهِ {ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ
فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 2] ،
وقَولِهِ: {هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 138] ، وذكَرَ آياتٍ بهذا المعنى،
إِلَى أنْ قالَ: فيعلم أنَّ آياتِ اللهِ وأحاديثَ الرَّسُولِ تمنع الكُفْرَ،
وَهَذَا كثيرٌ.
ثُمَّ ذَكَرَ
الشَّيخُ رحمه الله طريقةَ علماءِ الكلامِ؛ أي: عُلماءِ المنطقِ، المخالفَةِ
لطريقَةِ القرآنِ في إثباتِ العقيدَةِ، وهي أن طَريقَتَهم أوَّلاً تقريرُ
الرُّبوبِيَّةِ، ثُمَّ تقريرُ النُّبوَّةِ، ثُمَّ تلقِّي السَّمعيات مِنَ
النُّبوَّةِ، كَمَا هي الطَّريقة المشهورَةُ الكلامية للمعتزلة والكرامية
والكلابية والأشعرية، ومن سلكَ هَذِهِ الطُّرقَ في إثباتِ الصَّانع أوَّلاً بناءً
عَلَى حدوثِ العالَمِ، ثُمَّ إثبات صفَاتِه نفْيًا أو إثْبَاتًا بالقِيَاسِ
العقليِّ عَلَى ما بينهم من اتِّفاقٍ واخْتِلافٍ، إمَّا في المسائلِ وإمَّا في الدَّلائلِ،
ثُمَّ بعدَ ذَلِكَ يتكلَّمون في السَّمعياتِ مِنَ المعادِ والثَّوابِ والعقابِ
والخلافَةِ والتَّفضيلِ والإيمانِ بطريقٍ مجملٍ، وإِنَّمَا عمدَةُ الكلامِ عندَهُم
ومعظَمُهُ هُوَ تِلْكَ القضايا الَّتِي يسمُّونها العقليات وهي أصولُ دينِهم، وقَدْ
بنوها عَلَى مقاييسٍ تستلزمُ ردَّ كثيرٍ مِمَّا جاءت به السُّنَّةُ؛ فلحقهم
الذَّمُّ من جهةِ ضعفِ المقاييسِ الَّتِي بَنَوْا عَلَيْهَا ومن جهةِ ردِّهم لما
جاءت به السُّنَّةُ، وهم قِسمانِ؛ قسمٌ بنَوا عَلَى هَذِهِ العقليَّاتِ
القياسِيَّةِ الأصولَ العلميَّةَ دُونَ العملِيَّةِ، وقسمٌ بنَوا عَلَيْهَا
الأُصُولَ العلميَّة والعمليَّة كالمعتزلةِ حَتَّى إِنَّ هَؤُلاَءِ يأخذُون
القدْرَ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد