إمَّا فضلٌ نافعٌ، وإمَّا فضولٌ غيرُ نافِعَةٍ،
وإما أمرٌ مضرّ.
قالَ رحمه الله
: ومن أسمائِهِ الهادِي وقَدْ جاءَ أيضًا البرهان؛ أي: من أسمائِهِ سُبْحَانَهُ،
ولِهَذَا يُذكَرُ عَنْ بعضِهم أنَّهُ قالَ: عرفت الأشياءَ بربِّي، ولَمْ أعرِفْ
رَبِّي بالأشياءِ، وقَالَ بعضُهُم: هُوَ الدَّليلُ لي عَلَى كُلِّ شيءٍ، وقيل
لابنِ عبَّاسٍ: بما عرفْتَ رَبَّك؟ فقَالَ: من طلبَ دينَهُ بالقِياسِ لَمْ يزَلْ
دهْره في التبَاسِ، خارجًا عَنِ المنهاجِ ظاعنًا في الاعوجاجِ، عرَّفْتُه بما عرَّفَ
به نفْسَه، ووصَفْتُه بما وصفَ به نَفْسَه، فأخْبرَ أنَّ معرفَةَ القلبِ حصَلَتْ
بتعْرِيفِ اللهِ وَهُوَ نورُ الإيمانِ، وأنَّ وصفَ اللِّسَانِ حصلَ بكلامِ اللهِ
وَهُوَ نورُ القرآنِ، إِلَى أن قالَ: فإِذَا الحقُّ الحيُّ القيومُ هُوَ ربُّ كُلِّ
شيءٍ ومليكُه، ومؤصلُ كُلِّ أصلٍ، ومُسبِّبُ كُلِّ سببٍ وعلَّةٍ، هُوَ الدَّليلُ
والبرهانُ والأوَّلُ والأصلُ الَّذِي يستدلُّ به العبدُ ويفزعُ إِلَيْهِ، ويردُّ
جميعَ الأواخرِ إِلَيْهِ في العلمِ كَانَ ذَلِكَ سبيلَ الهُدى وطَريقَه، كَمَا
أنَّ الأعمالَ والحركاتِ لمَّا كَانَ اللهُ مَصدَرُها وإليه مَرجِعُها؛ كَانَ
المتوكِّلُ عَلَيْهِ في عملِه، القائل: إِنَّهُ لا حولَ ولا قوةَ إلاَّ باللهِ
مؤيّدًا منصورًا، فجماعُ الأمرِ أنَّ اللهَ هُوَ الهادي وَهُوَ النَّصيرُ {وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيٗا وَنَصِيرٗا﴾ [الفرقان: 31] ، وكُلُّ علمٍ فلا بُدَّ لَهُ من
هدايةٍ، وكُلّ عملٍ فلا بُدَّ لَهُ من قُوَّةٍ؛ فالواجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أصلَ
كُلِّ هدايةٍ وعلمٍ، وأصلَ كُلِّ نُصرةٍ وقُوَّةٍ ولا يَستَهدِي العبدُ إلاَّ
إيَّاه ولا يستنصِرُ إلاَّ إيَّاهُ.
والعبدُ لمَّا كَانَ مخلُوقًا مربوبًا مفطورًا مصنوعًا عاد في علمِه وعملِه إِلَى خالقِهِ وفاطرِه ورَبِّه وصانعِه؛ فصار ذَلِكَ ترتيبًا مطابقًا للحَقِّ وتأليفًا موافقًا للحقيقة؛ إذ بناءُ الفرعِ عَلَى الأصلِ وتقديمُ الأصلِ عَلَى الفرعِ هُوَ الحقُّ، فهذه الطريقةُ الصحيحةُ الموافقةُ لفطرةِ اللهِ وخلقتِه ولكتابِه
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد