عرضت لَهُ الصَّلاَةُ فلْيصَلِّ وإلاَّ فليمضِ ([1]) فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ
يقصدْ تخصيصه بالصَّلاة فِيهِ بل صَلَّى فِيهِ؛ لأَنَّهُ موضع نُزُوله رَأَى عمرُ
أن مشاركته في صورةِ الفعلِ من غير موافقة لَهُ في قَصْدِه لَيْسَ متابعةً، بل
تخصيصُ ذَلِكَ بالصَّلاةِ من بدَعِ أهلِ الكتابِ الَّتِي هلكُوا بها، ونُهِيَ
المسلمونَ عَنِ التَّشبُّهِ بهم في ذَلِكَ، ففاعل ذَلِكَ مُتشبِّهٌ بالنَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم في الصورةِ، ومتشبِّهٌ باليهودِ والنَّصارَى في القصدِ الَّذِي
هُوَ عملُ القلبِ.
وَهَذَا هُوَ
الأصلُ فإِنَّ المتابعةَ في النِّيَّةِ أبلغُ مِنَ المتابعةِ في صورةِ العملِ،
ولِهَذَا ما اشتبه عَلَى كثير مِنَ العُلَمَاء جلسة الاستراحة؛ هل فعلها استحبابًا
أو لحاجة عارضة تنازعوا فيها؟ وكَذَلِكَ نزُولُه بالمحصبِ عِنْدَ الخروجِ من مِنًى
لمَّا اشتبه، هل فعَلَهُ لأَنَّهُ كَانَ أسمح لخروجه ([2])، أو لكونه سُنَّة؟ تنازعوا في ذَلِكَ، ومن هَذَا وَضْعُ ابنِ
عمرَ يدَه عَلَى مقعدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وتعريفُ ابن عبَّاسٍ
بالبصرة وعمرو بن حريث بالكوفةِ؛ فإنَّ هَذَا لما لَمْ يَكُنْ يفعلُهُ سَائِرُ
الصحابةِ، ولَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شرَعَهُ لأُمَّتِه لَمْ
يمكن أنْ يقالَ: هَذَا سُنَّةٌ مستحبَّةٌ.
ومن هَذِهِ
القاعدَةِ العظيمَةِ وما ذُكِرَ لها مِنَ الأمثلةِ يتَّضحُ بطلانُ ما يفعله بَعْضُ
الخرافيينَ من تعظِيمِهم الآثارَ الَّتِي تنسَبُ إِلَى الأنبياءِ أو الصَّالحينَ؛
فيتبرَّكُون بها ويَقْصِدُونها للعبادَةِ كغَارِ حرَاءٍ، وغارِ ثورٍ، ومكان
المولدِ بمكَّةَ، والمساجد السَّبعة بالمدينة، وبقِيَّة مساجد المدينَةِ غير المسجد
النبويّ، ومسجد قُباء؛ فإنَّ قصدَ تِلْكَ الأمكنَةِ والتَّعبُّدِ فيها مِنَ البدعِ
ومن وسائلِ الشِّرْكِ.
***
([1])أخرجه: ابن أبي شيبه رقم (7550)، وعبد الرزاق رقم (2734).
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد