القُرْآنِ
والحديثِ كُفْرًا وبَاطِلاً، واللهُ سبحانه وتعالى أعلَمُ وأحكمُ من أَنْ يَكُونَ
كلامُهُ الَّذِي وصَفَ به نَفْسَه لا يظْهَر منه إلاَّ ما هُوَ كفْرٌ أو ضلالٌ،
والَّذِينَ يجعَلُونَ ظَاهِرَها ذَلِكَ؛ يغلطون من وجهين: تَارةً يجْعَلونَ المعنى
الفاسِدَ ظَاهِرَ اللَّفظِ حَتَّى يجْعَلُوه مُحْتَاجًا إِلَى تأويلٍ يُخَالِفُ
الظَّاهِرَ ولا يَكُونُ كَذَلِكَ، وتارَةً يردُّون المعنى الحَقَّ الَّذِي هُوَ
ظَاهِرُ اللَّفظِ لاعتقادِهم أنَّهُ باطلٌ، فالأوَّلُ كَمَا قالوا في قولِه: «عَبْدِي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمْنِي» ([1]) الحديثُ، وفي الأثَرِ الآخرِ: «الْحَجَرُ الأَْسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الأَْرْضِ فَمَنْ صَافَحَهُ
أَوْ قَبَّلَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ» ([2])، وقَولُهُ: «قُلُوبَ
الْعِبَادِ كُلَّهَا بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ» ([3])، فقالوا: قد عَلِمَ أن لَيْسَ في قلوبِنَا أصَابعُ
الحقِّ، فيقال لهم: لو أَعطَيْتُم النُّصوض حقَّهَا مِنَ الدَّلالةِ لعلِمْتُم
أنَّها لَمْ تدلَّ إلاَّ عَلَى حقٍّ.
أمَّا أوَّلاً: فقولُهُ: «الحَجَرُ الأَسْوَدُ يَمِينُ اللهِ فِي الأَرْضِ فَمَنْ صَافَحَهُ أَوْ قَبَّلَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ»؛ صريحٌ في أنَّ الحجرَ الأسودَ لَيْسَ هُوَ صفةٌ للهِ، ولا هُوَ نفسُ يمينه؛ لأَنَّهُ قالَ: «يَمِينُ اللهِ فِي الأَرْضِ»، وقَالَ: «فَمَنْ قَبَّلَهُ وَصَافَحَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ»؛ ومعلومٌ أنَّ المشبَّهَ لَيْسَ هُوَ المشبَّه به، ففي نفسِ الحديثِ بيانٌ أنَّ مستَلِمَه لَيْسَ مصافحًا لله، وأنه لَيْسَ هُوَ نفسَ يمِينه، فكَيْفَ يجعلُ ظاهِرَه كُفرًا؛ لأَنَّهُ محتاجٌ إِلَى التأويلِ؟ مع أنَّ هَذَا الحديثَ إِنَّمَا يُعرَفُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ.
([1])أخرجه: مسلم رقم (2569).
الصفحة 5 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد