×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 مَّتَٰعًا حَسَنًا إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى وَيُؤۡتِ كُلَّ ذِي فَضۡلٖ فَضۡلَهُۥۖ وَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٖ كَبِيرٍ ٣ [هود: 1- 3] ، وفي الحديث الذي رواه ابن عاصم ([1])، وغيره: «يَقُولُ الشَّيْطَانُ: أَهْلَكْتُ النَّاسَ بِالذُّنُوبِ، فَأَهْلَكُونِي بِلاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَالاِسْتِغْفَارِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ بَثَثْتُ فِيهِمُ الأَْهْوَاءَ، فَهُمْ يُذْنِبُونَ وَلاَ يَتُوبُونَ؛ لأَِنَّهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا»، وقد ذكر سبحانه عن ذي النُّون أنه {فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ أَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبۡحَٰنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ [الأنبياء: 87] ، قال تعالى: {فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَٰلِكَ نُ‍ۨجِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [الأنبياء: 88] قال صلى الله عليه وسلم : «دَعْوَةُ أَخِي ذِي النُّونِ مَا دَعَا بِهَا مَكْرُوبٌ إلاَّ فَرَّجَ اللهُ كَرْبَهُ» ([2]).

ثم بَيَّن الشيخ رحمه الله ما يجب على المسلم تِجَاه القَدَر والشَّرْع، فقال: وجِمَاع ذلك أنه لا بُدَّ له في الأمر من أصلين، ولا بُدَّ له في القَدَر من أصلين، ففي الأمر عليه الاجتهاد في الامتثال علمًا وعملاً، فلا يزال يجتهد في العلم بما أمر الله به والعمل بذلك، ثم عليه أن يستغفر ويتوب من تفريطه في المأمور وتعديه الحدود، ولهذا كان من المشروع أن يختم جميع الأعمال بالاستغفار، فكان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاَثًا» ([3])، وقد قال الله تعالى: {وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِٱلۡأَسۡحَارِ [آل عمران: 17] فقاموا بالليل وختموه بالاستغفار، وآخر سورة نزلت قول الله تعالى: {إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ١ وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا ٢ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا ٣ [النصر: 1- 3] ،


الشرح

([1])أخرجه: ابن أبي عاصم في «السنة» رقم (7)، وأبو يعلى رقم (136).

([2])أخرجه: الترمذي رقم (3505)، والنسائي رقم (10491)، وأحمد رقم (1462)، وأبو يعلى رقم (772).

([3])أخرجه: مسلم رقم (591).