×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

إما كذب دَسَّه أهل الزَّيْغ والضلال من اليهود والنصارى أو الفِرق المنتسبة إلى الإسلام زورًا وبهتانًا.

وإما أخبار قد اختلط بها الصدق بالكذب ولم يتميز صادقها من كاذبها، وهذان القسمان يكون موقف المسلم منها رفضها ودحضها.

والقسم الثالث: ما هو صحيح، لكنه لا يُنقِص من قَدْر الصحابة؛ لأنه صادر عن اجتهادِ ممدوحٍ مثابٍ، لا يُنتقص ولا يُعاب.

ثم قال الشيخ رحمه الله مبينًا أن ما قد يقع من بعض أفراد الصحابة من سيئات فلهم من الحسنات ما يغطيه ويُغْمِره، ويمحوه ويغفره، قال: وليس كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرةَ ما يصدر منهم إن صدر، حتَّى إنهم يُغفر لهم من السيئات ما لم يُغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم، ولقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ» ([1])، وأن المُد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أُحد ذهبًا ممن بعدهم ([2]) ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنبٌ فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غُفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلاءٌ ببلاء في الدنيا كَفَّر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المُحقَّقة فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين؟! إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا أجرٌ واحد والخطأ مغفور له.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2651)، ومسلم رقم (2535).

([2])أخرجه: البخاري رقم (2673)، ومسلم رقم (2541).