×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

جَآءَكُم بَيِّنَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنۡهَاۗ سَنَجۡزِي ٱلَّذِينَ يَصۡدِفُونَ عَنۡ ءَايَٰتِنَا سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصۡدِفُونَ ١٥٧ [الأنعام: 155- 157] .

فذكر سبحانه أن سَيَجْزِي الصّاَدِفَ عن آياته مطلقًا - سواءٌ كان مُكَذِّبًا أو لم يَكُن - سُوءَ العذاب بما كانوا يَصْدِفُون؛ يبين ذلك أن من لم يُقِرَّ بما جاء به الرسول فهو كافر، سواء اعتقد كذبه أو استكبر عن الإِيمَان به، أو أعرض عنه اتباعًا لما يهواه أو ارتاب فيما جاء به، فكل مكذب بما جاء فهو كافر، وقد يكون كافرًا من لا يكذبه إذا لم يؤمن به.

ولهذا أخبر الله من غير موضع من كتابه بالضلال والعذاب لمن ترك اتباع ما أنزله، وإن كان له نَظَر وجَدَل واجتهاد في عقليَّات وأمور غير ذلك، وجعل ذلك من نُعُوت الكفار والمنافقين، قال تعالى: {وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ سَمۡعٗا وَأَبۡصَٰرٗا وَأَفۡ‍ِٔدَةٗ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُمۡ سَمۡعُهُمۡ وَلَآ أَبۡصَٰرُهُمۡ وَلَآ أَفۡ‍ِٔدَتُهُم مِّن شَيۡءٍ إِذۡ كَانُواْ يَجۡحَدُونَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ [الأحقاف: 26] .

وذكر رحمه الله آياتٍ كثيرة في هذا المعنى، ثم قال: وقد طالب سبحانه من اتخذ دينًا بقوله: {ٱئۡتُونِي بِكِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ هَٰذَآ أَوۡ أَثَٰرَةٖ مِّنۡ عِلۡمٍ [الأحقاف: 4] ، فالكِتابُ الكِتابُ، والأثارة كما قال غير واحدٍ مِنَ السَّلَف: هي الرواية والإسناد، وقالوا: هو الخَط أيضًا؛ إذ الرواية والإسناد يُكتب بالخط، وذلك لأن الأثارة من الأَثَر؛ فالعلم الذي يقوله من يُقبل قولُه يُؤْثَر بالإسناد ويُقَيَّد بالخَطّ؛ فيكون ذلك من آثاره.

نكتفي بهذا القدر من كلام الشيخ في هذا الموضوع المهم، وهو وجوب الاستغناء بأدلة الكتاب والسنة في العقائد وغيرها عن أدلة 


الشرح