×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 وهم - أهل السُّنة والجماعة - في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم وَسَطٌ بين الغالية الذين يغالون في علي رضي الله عنه فيفضلونه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويعتقدون أنه الإمام المعصوم دونهما، وأن الصحابة ظلموا وفسقوا! وكفَّروا الأُمَّة بعدهم كذلك، وجعلوه نبيًّا وإلهًا! وبين الجافية الذين يعتقدون كفره وكفر عثمان رضي الله عنهما ، ويستحلون دماءهما ودماء من تولاهما، ويستحبون سب عثمان وعلي ونحوهما، ويقدحون في خلافة علي رضي الله عنه وإمامته.

وكذلك في سائر أبواب السُّنة هم - أي: أهل السُّنة والجماعة - وَسَطٌ؛ لأنهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.

هكذا بيَّن شيخ الإسلام وسطية أمة محمد صلى الله عليه وسلم بين الأمم؛ كما قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ [البقرة: 143] - أي: عُدُولاً خِيارًا - وماعدا الوَسَط فأطرافٌ داخلة تحت الحَظْر؛ فجعل الله هذه الأمة وسطًا في كل أمور الدين بين جفاء اليهود وغلو النصارى، وكذلك فِرْقَة أهل السُّنة والجماعة وَسَطٌ في فِرَق الأُمَّة المحمَّدية؛ لأنها تمسكت بما كان عليه النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الاعتقاد والعبادة والأخلاق، بخلاف بقية الفِرق التي انحرفت عن منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه انحرافًا كثيرًا أو قليلاً بحسب مناهجهم واعتقاداتهم، جعلنا الله من الأُمَّة الوَسَط والفِرقة الوَسَط حتَّى ننجوَ ونسلم.

***


الشرح