×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

كل هذا لتحقيق التوحيد الذي هو أصلُ الدين ورأسُه الذي لا يقبل الله عملاً إلاَّ به ويغفر لصاحبه، ولا يغفر لمن تركه، وكما قال تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا [النساء: 48] ، ولهذا كانت كلمة التوحيد أفضل الكلام وأعظمه؛ فأعظم آية في القرآن آيةُ الكرسي ([1]) {ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ [البقرة: 255] ، وقال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» ([2])، والإله: الذى يَأْلَهُه القلب عبادةً له واستعانة ورجاء له وخشية وإجلالاً وإكرامًا.

ثم بيَّن الشيخ رحمه الله موقف أهل السُّنة من العمل بالكتاب والسنة فقال: ومن ذلك الاقتصاد في السُّنة واتّباعها كما جاءت بلا زيادة ولا نقصان، مثل الكلام في القرآن وسائر الصفات؛ فإن مذهب سَلَف الأُمة وأهل السُّنة أن القرآن كلام الله مُنزل غيرُ مخلوق، منه بدأ وإليه يعود؛ هكذا قال غير واحد من السلف، والقرآن الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هو هذا القرآن الذي يقرؤه المسلمون ويكتبونه في مصاحفهم، وهو كلام الله لا كلامَ غيره، وإن تلاه العباد وبلّغوه بحركاتهم وأصواتهم فإن الكلام لمن قاله مُبتدِئًا لا لمن قاله مُبلِّغًا مُؤدِّيًا، قال الله تعالى: {وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ [التوبة: 6] وهذا القرآن في المصاحف كما قال تعالى: {بَلۡ هُوَ قُرۡءَانٞ مَّجِيدٞ ٢١ فِي لَوۡحٖ مَّحۡفُوظِۢ ٢٢ [البروج: 21- 22] ، والقرآن كلام الله بحروفه ونَظْمه ومعانيه، كل ذلك يدخل في القرآن وفي كلام


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (810).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (3116)، وأحمد رقم (22034)، والحاكم رقم (1299).