العبد ربه خنس، وإذا غفل عن ذكر الله وسوس،
وذِكر الله يعطي الإِيمَان، وهو أصل الإِيمَان، والله سبحانه هو رب كل شيء ومليكه،
وهو معلِّمُ كلَّ عِلم وواهبُه، والقرآن يعطي العلم المفصَّل ويزيد الإِيمَان؛ كما
قال جُنْدُب بن عبد الله البَجَلِيّ وغيره من الصحابة: «تَعَلَّمْنَا الإِْيمَانَ، ثم تعلمنا الْقُرْآنَ؛ فَازْدَدْنَا
إِيمَانًا»([1]).
ولهذا كان أول
ما أنزل الله على نبيه: {ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي
خَلَقَ﴾ [العلق: 1] ؛
فأمره أن يقرأ باسم الله؛ فتضمن هذا الأمر بذكر الله وما نزل من الحق، وقال: {ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ ٢ ٱقۡرَأۡ
وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ ٣ ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ ٤ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ ٥﴾ [العلق: 1- 5] ؛ فذكر سبحانه أنه خلق أكرم
الأعيان الموحدة عمومًا وخصوصًا، وهو الإِنسَان، وأنه المعلم للعلم عمومًا وخصوصًا
للإِنسَان، وذكر التعليم بالقلم الذي هو آخر المراتب ليستلزم تعليم القول وتعليم
العلم الذي في القلب، وحقيقة الأمر أن العبد مفتقر إلى ما يسأله من العلم والهدى
طالبٌ سائلٌ، فبذكر الله والافتقار إليه يهديه الله ويُدِلُّه، كما قال: «يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلاَّ مَنْ
هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ» ([2])، وكان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ
وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ
يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ
تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» ([3]).
***
([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (61).
الصفحة 5 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد