×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثاني

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُبْطِيَّةً كَثِيفَةً كَانَتْ مِمَّا أَهْدَاهَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا لَكَ لَمْ تَلْبَسِ الْقُبْطِيَّةَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلاَلَةً، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا»([1]). رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

هذا الحديث فيه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أهدى لبعض أصحابه حُلَّةً قبطية، أصلها قِبطية نسبة إلى القبط من أهل مصر؛ لأنَّ أهل مصر في الأصل يتكونون من القبط وبني إسرائيل، وكان الملكُ بيد القبط، وكانوا متسلِّطين على بني إسرائيل. فالحُلَّة تنسب إلىهم. وكان القياس أن يقال: قِبطية بالكسر لكنهم شكلوها بالضم قُبطية. هذا أولاً فيه: أنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية، فقد أهدى إليه دحيةُ الكلبي رضي الله عنه هذه الحُلَّة صلى الله عليه وسلم، والرَّسول أهداها لهذا الصَّحابي، والصَّحابي رأى أن امرأته في حاجة إليها لقلة ما بأيديهم فكساها امرأته، فلما رآه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم يرها عليه، سأله: لماذا لم يلبسها؟ فقال أنَّه كساها امرأته، فأقرَّه الرَّسول صلى الله عليه وسلم على ذلك. لكن أرشده إلى «أَنْ تَجْعَلَ تَحْتَهَا غِلاَلَةً»: يعني لباسًا يلي الجلد يسمى الشِّعار، والشِّعار: الَّذي يلي الجلد، والدثار: الذي فوقه، تجعل شعارًا تحتها لأنَّها رقيقة، تصف ما وراءها.

ففي هذا دليلٌ على: أنَّه يشترط في لباس المرأة أن يكون كثيفًا ساترًا لما وراءه، وأن لا تلبس الرَّقيق من الثَّياب الَّذي يلتصق في جسمها، أو الشَّفاف الَّذي لا يستر ما وراءه.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (21834)، والبزار رقم (2579).