×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثاني

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإٍَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: «يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا»، قَالُوا: لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلاَّ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ قُبُورُ المُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ، فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ، وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلأَْنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ»([1]). مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

في هذا: دليل على التبرك بآثار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المنفصلة من جسدهِ الشَّريف، كماء الوضوء والعرق والشَّعر، وهذا خاص به صلى الله عليه وسلم، أمَّا غيره فلا يُتبرك به ولا بشيء منه.

فتوضأ عليه الصلاة والسلام وصبَّ ماء وضوئه في إداوة، والإداوة: هي وعاء من الجلد، فقال: «فَإِذَا أَتَيْتُمْ أَرْضَكُمْ فَاكْسِرُوا»: اكسروا الصنم الَّذي عندكم، ثم صبوا ماء وضوء الرَّسول صلى الله عليه وسلم في مكانه، ثُمَّ اتخذوه مسجدًا.

فهذا دليل على: أنَّه إذا أزيلت شعائر الكفر من الكنيسة أو من البيعة أنَّها يصلَّى فيها. الرَّسول صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة مهاجرًا ونزل في قباء أوَّل ما نزل أقام فيها أيامًا، ثُمَّ رحل متوجهًا إلى المدينة، أدركته الجمعة في


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (234)، ومسلم رقم (524).