«الطور»؛ لكن هذا ليس هو
الغالب، الغالب أنَّه يقرأ من قصار المفصل كما هو، وإن قرأ في طوالها بعض الأحيان
فلا بأس بذلك.
ولما صلى معاذ رضي
الله عنه في قومه صلاة العشاء قرأ سورة «البقرة»، وكان رجل معه نواضحه
يعني: الإبل ليثني عليها، فلما أقيمت الصلاة تركها ليصلي خلف معاذ، فقرأ «البقرة»،
فذهبت النواضح، فنوى الرجل الانفراد عن معاذ وأكمل صلاته ولحق بنواضحه، ثُمَّ شكوه
إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يطيل عليهم، النَّبِي صلى الله عليه وسلم عاتب
معاذًا رضي الله عنه قال: «أفتان أنت يا معاذ؟!»، أي: تفتن النَّاس، أو
فاتنٌ، فتَّان هذه صيغة مبالغة، وأمَّا فاتن فهو اسم فاعل من الفتنة، والمعنى: إنك
تفتن النَّاس، بحيث يتنازعون ويكرهون الصلاة خلف بعض الأئمة، لا تُنَفِّر إذا أممت
النَّاس فاقرأ بـ ﴿ وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ﴾، ﴿وَٱلضُّحَىٰ﴾ [الضحى] و ﴿سَبِّحِ
ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى﴾، ﴿وَٱلشَّمۡسِ
وَضُحَىٰهَا﴾ هذا الوسط. فأرشده صلى الله
عليه وسلم إلى هذه الطريقة، هذا معدل القراءة وهو جامع القراءة كما قال المؤلف:
جامع القراءة في الصلاة.
فعلى الأئمة أن يراعوا هذا؛ ولكن كثيرًا من الأئمة الآن - خصوصًا الشباب - عندهم نزعة مخالفة السابقين، الآن ما يقرؤون من المفصل أبدًا؛ بل ربما ما يعرفونه، هجروه هجرًا في الصلاة، يقرؤون من أول القرآن، من وسط القرآن، وأما المفصل فلا يقرؤونه أبدًا، لماذا؟ لأن الأولين يقرؤون هذا، وهم يخالفون مَن قبلهم، ويزعمون أنهم وصلوا من العلم ما لم يصل إليه الأولون - لا حول ولا قوة إلاَّ بالله - هذه
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد