×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثاني

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ إِنِّي لَأُحِبُّكَ». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ. قَالَ: «فَإِنِّي أُوصِيكَ بِكَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ فِي دُبِر كُلِّ صَلاَةٍ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»([1]). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد.

 

وأما أنه صلى رضي الله عنه فأوجز في صلاته، أنكروا عليه ذلك، فهو أجابهم أنه أتم الرَّكوع والسُّجود، وإن كان خفَّف نوعًا من التخفيف، ما دام أنه أتم الرَّكوع والسُّجود، فقد صحت صلاته، فدل على: أنَّ الإنسان لا بد أن يتم الرَّكوع والسُّجود، فهما الركنان الأعظمان في الصلاة فيتمهما.

هذا الحديث من جملة الأحاديث التي وردت في الأدعية، في أثناء الصلاة أو بعد الصلاة، وهي أحاديث كثيرة، ساقها المؤلف رحمه الله، مررنا على أولها وانتهينا إلى هذا الحديث:

معاذ بن جبل الصَّحابي الجليل رضي الله تعالى عنه يروي أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال له: يا معاذ، إني أحبك، فلا تدع دبر كل صلاة أن تقول: «اللهمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك»، فهذا فيه محبة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه، وأنَّ الإنسان إذا كان يحب أخاه فإنه يبين له ذلك، فيقول: إني أحبك.

ثُمَّ أوصاه صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء، وهذا من أجمل ما يوصِي به الأخ أخاه: أوصيك، والوصية في الأصل: الوصل، أوصاه يعني: وصله، ومنه الوصية بعد الموت؛ لأنَّها وَصْلٌ لما بعد الموت بما قبل الموت.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1522)، وأحمد رقم (22119).