وَهَذَا يَدُلُّ
عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْكَلاَمِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ؛
لأَنَّ زَيْدًا مَدَنِيٌّ، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ
خَلْفَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلاَةِ إلَى أَنْ نُهُوا.
وَعَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ
عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، وَقَالَ:
«إِنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً»([1]). مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ:
«كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ كُنَّا بِمَكَّةَ
قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مِنْ أَرْضِ
الْحَبَشَةِ أَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ، فَأَخَذَنِي مَا
قَرُبَ وَمَا بَعُدَ حَتَّى قَضَوُا الصَّلاَةَ، فَسَأَلْته فَقَالَ: «إِنَّ
اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَقَدْ أَحْدَثَ أَنْ لاَ نَتَكَلَّمَ
فِي الصلاة»([2]). رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
هذا نوع آخر من الكلام الَّذي كانوا يتكلمون به وهو السَّلام على المصلِّي إذا مرَّ به فيسلِّم عليه، ويرد المصلي عليه السلام وهو في الصَّلاة كما هو خارج الصَّلاة، فلما هاجروا إلى الحبشة بسبب مضايقة المشركين لهم بمكة، ثم رجعوا من الحبشة سلَّموا على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في الصَّلاة كعادتهم قبل أن يسافروا، فلم يردَّ عليهم، قال: «فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ» يعني: من الهم أن يكون الرسول هجره أو غضب عليه ولم يرد عليه كالعادة، ثُمَّ سأل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره: «إنَّ الله يُحْدِثُ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1216).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد