يعلم حتى يبلغه شيءٌ
آخر من الأحكام الشَّرعية، وإلاَّ فإنَّه يبقى على الأصل، فجاء وهُم يصلُّون خلف
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسلَّم عليهم على العادة، فرمقوه بأبصارهم
استنكارًا، ثُمَّ إنه استغرب هذا، وظنَّ أنَّهم يبغضونه، وأنَّهم ينقِمون عليه
شيئًا وهو لا يدري، فزادوا في الإنكار: ضربوا على أفخاذهم؛ تأكيدًا للإنكار عليه،
فسكت، علم أن الأمر فيه شيء فسكت رضي الله عنه، ولما سلَّم النَّبِيُّ صلى الله
عليه وسلم، أرشده وعلَّمه برفق ولم يعنِّفه لأنَّه جاهل، والجاهل يرفق به
ويُعَلَّم برفق، ومن طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه الرفق بالجاهل،
وعدم زجره، حتَّى أثَّر ذلك في معاوية رضي الله عنه من كرم أخلاق الرسول صلى الله
عليه وسلم، الجاهل لا يعنف وإنَّما يعلم برفق، ثمَّ أرشده إلى ما يقال في الصَّلاة
أنَّه التَّسبيح والتَّهليل والتَّكبير، وقراءة القرآن، ولا يدخل فيها كلام آخر.
أيضًا العاطس، كانوا
يشمتون العاطس إذا عطس في الصَّلاة، لأنَّ تشميت العاطس سنة، بأن تقول: يرحمك
الله، ثُمَّ هو يردّ، ويقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، هذا خارج الصَّلاة، لكنهم
كانوا في الأول يفعلونه في الصَّلاة.
لما قال: يرحمك الله رمقوه
واستنكروا عليه، فوقع في نفسه شيء مما رأى من الصَّحابة أنَّهم نقموا عليه وخشي أن
يكون أحدث ما ينكرونه، فلما سلَّم الرَّسول صلى الله عليه وسلم علَّمه برفق وحسن
خلق لأنَّه جاهل.
فهذا حديث عظيم وهو
من أصول التَّعليم والتَّربية، وأنَّ الجاهل يُرفق به، ويعلَّم برفق.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد