وَقَوْلُه فِي الحديثِ
الصَّحِيحِ للجاريةِ «أَيْنَ اللهُ؟» قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: «فَمَنْ
أَنَا؟» قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: «فَأَعْتِقْهَا؛فَإِنَّهَا
مُؤْمِنَةٌ» ([1]).
****
فالقَدْحُ فِي أحدِهما لا يَقدَحُ
فِي الآخرِ، وقد رواهُ إمامُ الأئمةِ ابنُ خزيمةَ فِي كتابِ التَّوحِيد ([2])، الَّذِي
اشترطَ فيه أنَّهُ لا يَحتجُّ فيه إِلاَّ بما نَقلَهُ العَدْلُ عن العَدْلِ،
مَوصُولاً إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
معاويةُ بنُ الحكم السُلَمي لطَمَ جاريةً له، يعني: ضَربَها غضبًا عليها،
ثُمَّ نَدِمَ عَلَى ضَرْبِها، وأرادَ أنْ يُكفِّرَ عَن فِعْلِه، فأرادَ إِعتاقَها،
وجاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَستَفْتِي فِي إعتاقِها، والنَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم اختَبَرَها، فقالَ لها: «أَيْنَ اللهُ» قالت: فِي السَّماءِ،
قالَ: «فَأَعْتِقْهَا؛فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» لمَّا قالت:«اللهُ فِي
السَّماءِ»؛ وَصفَها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالإيمانِ، فَدلَّ هذا
عَلَى فوائدَ عظيمةٍ:
أولاً: فيهِ أنَّهُ يجوزُ السؤالُ بقولِ: أينَ اللهُ؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم قال أينَ اللهُ، يعني: فِي أيِّ جِهَةٍ؟ فهذا أمَرٌ جائزٌ، يُعَلَّمُ به
الجاهلُ.
ثانياً: فيهِ أنَّ مَن وصفَ اللهَ بالعُلُوِّ، فهو مُؤمنٌ. مَن لم يُثبِتِ العُلُوَّ للهِ جل وعلا فوقَ السَّماواتِ، فهو كافِرٌ. ولا أشَدَّ عَلَى المُعطِّلَةِ مِن هذا الحديثِ «أَيْنَ اللهُ؟»، يقولونَ: لا يَجوزُ أَن تَقولَ: أينَ اللهُ؟ لأنَّ الله فِي كُلِّ مكانٍ عندهم، أو ليسَ له مكانٌ، لا داخل ولا خارج ولا يَمْنَة ولا يَسْرَة ولا.. ولا.. إِلَى آخرِهِ، فيلزَمُ أنْ يكُونَ مَعدُومًا عندهم.
([1])أخرجه: مسلم رقم (537).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد