﴿ كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّۧنَ
مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ
بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ
أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ
فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ
بِإِذۡنِهِۦۗ﴾[البقرة: 213].
ولاَزِمُ هَذِهِ المَقَالَة أنْ لا يكُونَ الكِتَاب هُدى للنَّاسِ،
ولاَ بَيانًا ولاَ شِفَاء لِمَا في الصُّدُورِ ولاَ نُورًا، ولا مَردًّا عِنْد
التَّنازُع.
****
هَذَا دَلِيلٌ عَلَى: أنَّه لا هِدَايَة إلاَّ بالكِتَاب المُنَزَّل: سَوَاء
التَّورَاة، أو الإنْجِيل، أو الزَّبُور، أو القُرْآن، الكِتَاب المُنَزَّل مِنَ
اللهِ سبحانه وتعالى، لكِنَّ آخِرَ الكُتُبِ هُوَ القُرْآن الَّذي استقَرَّ
عَلَيْه الأَمْرُ إلى أنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، فإنَّه نَسَخَ مَا قَبْلَهُ، فلاَ
يُحَكَّمُ في الفَصْل بَيْنَ النَّاسِ في العَقَائِد والخِلاَفاتِ إلاَّ
القُرْآنَ، والسُّنَّة تَابِعَةٌ للقُرْآنِ، أمَّا الَّذي يُحَكِّمُ غَيْر
القُرْآنِ فهَذَا لا يُمْكِن أنْ يَصِلَ إلَى حَلٍّ أبَدًا، وإنَّمَا يَصِلُ إلَى
ظُلْم وحِيرَةٍ واضْطِرَابٍ، في المَقَالاَت والاعْتِقَادَات أو الخُصُومَات، فلاَ
حلَّ إلاَّ في تَحْكِيم الكِتَابِ والسُّنَّة.
مَنْ كَانَ يرِيدُ منَّا أنْ نُحكِّم العُقُولَ والمَنطِقَ والأفْكَار، فمَعْنَاه
أنَّ القرْآنَ ليْسَ كمَا وصَفَه اللهُ بأنَّه هدًى للنَّاس، بلْ هوَ جَاءَ
للتَّعمِيَة والتَّضْلِيل، اللهُ أنْزَل الكِتَاب هدًى، فلاَ يُحَكَّم ولا يَرْفَع
النِّزَاعَ بَيْنَ النَّاسِ إلاَّ الكِتَاب، أمَّا العُقُولُ والأفْكَار والآرَاءُ
فلَنْ تَحلَّ النِّزَاعَ، كلُّ وَاحدٍ يتعَلَّق برَأْيِه، وتَأتِي مقَالَة: أنْتَ
مَا تفْرِض عليَّ رَأيَكَ.
صَحِيح لا تَفْرِض عليَّ رَأيَكَ، لكِن أفْرِضُ عَلَيْكَ الوَحْيَ الَّذي هوَ حَاكِم عَلَى الجَمِيعِ، أمَّا إذَا رَجَعْنا للآرَاءِ، فكُلُّ وَاحِد يقُولُ للآخَرِ: أنْتَ لا تَفْرِض عليَّ رأيَكَ، لكِنْ إذَا قُلنَا: المَرْجِع إلى الكِتَابِ،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد