×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

لأنَّا نعْلَم بالاضْطِرَارِ أنَّ مَا يقُولُه هَؤُلاَءِ المتكَلِّفُونَ أنَّ الحقَّ الَّذي يَجِبُ اعْتِقَادُه لَم يدلَّ عَلَيْه الكِتَاب والسُّنَّة، لا نَصًّا ولاَ ظَاهِرًا.

وإنَّما غَايةُ المتَحذْلِقِ أنْ يسْتَنْتِجَ هَذَا من قَوْلِه:﴿وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ[الإخلاص: 4]،﴿هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا[مريم: 65].

****

 انْتَهى النِّزَاعُ، وانْحَلَّتِ الخُصُومَة، ولذَلِكَ تجِدُهُم في أمْرٍ مُرِيحٍ، مَا انْحَلَّ نِزَاعُهُم فِيمَا بَينَهُمْ، وتَجِدُ أهْلَ السُّنَّة والجَمَاعَة -وللهِ الحَمْد- إخْوَةً متَحابِّينَ، ليْسَ بيْنَهُم إشْكَال، ولاَ بيْنَهُم اخْتِلاَف؛ لأنَّهُم يحْكُمُونَ بمَا أنْزَلَ اللهُ سبحانه وتعالى، فتأمَّلْ الفَرْقَ بَيْن هَؤُلاَءِ وهَؤُلاَءِ ولازِم هَذِهِ المَقَالَة أنْ لاَ يُرَدَّ النِّزَاعُ والاخْتِلاَف إلى الكِتَابِ والسُّنَّة، لأِنَّهُمَا ليْسَا هدًى ونُورًا، ولاَ يحلاَّنِ النِّزَاع.

فقَولُه رحمه الله: «ولاَزمُ هَذِهِ المَقَالَة» أيْ: مَقالَة المعَطِّلَة، أنَّ الأسْمَاء والصِّفَات للهِ لا تُؤخَذ مِنَ القُرآنِ والسُّنَّة، إنَّما تُؤخَذ مِنَ الأدِلَّة العقْلِيَّة والبرَاهِين اليَقِينيَّة - بزَعْمِهم، فلاَزِمُ هَذِهِ المقَالَة أنَّ تَرْكَ النَّاسِ بلاَ كِتَابٍ وبِلاَ رَسُولٍ أحْسَنُ، مَا دَامَت العُقُول كَافِيَة، وعِلْم الكَلاَمِ يَكْفِي، فإنَّ وُجودَ الكِتَابِ والسُّنَّة لاَ قِيمَة لَهُ -عَلَى مقَالَتِهم-؛ لأنَّ عِنْدَنا مَا يكْفِينَا مِنْ أفْكَارِنَا وعُقُولِنَا وتَصوُّراتِنَا، هَذَا ما يَلْزَم عَلَى كَلاَمِهِمْ.

نَعلَمُ عِلْمًا ضَرُوريًّا أنَّ مقْتَضَى قَولِهِمْ: عَزْلٌ لِلكِتَابِ والسُّنَّة عَن الاسْتِدْلاَل والحُكْم، اسْتِغْنَاء عنْهُمَا بقَوَاعِد المَنْطِقِ وعِلْمِ الكَلامِ والجَدلِ.

والاسْتِدْلاَلُ بآيَاتِ النَّفْي لا يَكْفِي، هنَاكَ آيَاتُ إثْبَاتٍ؛ كمَا فِي قَولِه تعَالَى:﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُ[آل عمران: 2]، هَذَا إثْبَاتُ


الشرح