فهؤلاء الخرافيون يعتبرون هذه كرامات، وهي ليست كرامات؛ وإنما هي خوارق
شيطانية، فالشياطين تطير في الهواء، فإذا تقرَّب إليهم ابنُ آدم بما يحبون وكفر
بالله خدموه، كما قال جل وعلا: ﴿وَيَوۡمَ
يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ
وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ
وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ
خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ﴾ [الأنعام: 128]، ثم
قال: ﴿وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ
ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ﴾ [الأنعام: 129].
فالإنسي إذا تقرَّب من الجن وأشرك بالله، وكفر بالله، خدموه بما يريد، وهذا هو
الاستمتاع، فالجني استمتع بالإنسي؛ لأنه تقرب إليه، وكفر بالله، والإنسيُّ استمتع
بالجنى؛ لأنه خدمه، وأحضر له ما يريد.
قوله: «وَلاَ كَانَ فِيهِمْ مَنْ تَسْرِقُ الْجِنُّ
أَمْوَالَ النَّاسِ وَطَعَامَهُمْ وَتَأْتِيهِ بِهِ». قد يحضرون لهم أموالاً
وطعامًا وفواكه ويقولون: هذه كرامات! مثل ما حصل لمريم، وهذا كذبٌ، إنما هذا تسرقه
الجنُّ من دور الناس أو بساتينهم، ويظن أولئك أنها من الكرامات، وهي من أعمال
الشياطين! فليحذر المسلم أن يغتر بهذه الأمور، وليتفحصها وينظر فيها.
قوله: «فَيَظُنُّ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ
الْكَرَامَاتِ، كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلاَمُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ»،
مثل كتابه «الفرقان بين أولياء الرحمن
وأولياء الشيطان»، وكل هذا لم يكن عند الصحابة رضي الله عنهم، لا يعلم أن
أحدًا منهم جاءه مَن يقول له: أنا الخضر؛ لأن الشيطان لا يقدر أن يأتي للصحابة رضي
الله عنهم؛ لأنهم يحرقونه بنور الإيمان ونور الصدق مع الله سبحانه وتعالى، وأيضًا:
لم يكن فيهم مَن تخدمه الجن وتحضر له الطعام؛ مع أنهم أفضلُ الخلق بعد الأنبياء، ولم
يكن فيهم مَن شارك الفرق كالخوارج،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد