×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَلَكِنَّ جُمْهُورَ مُتُونِ «الصَّحِيحَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، تَلَقَّوْهَا بِالْقَبُولِ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهَا، وَهُمْ يَعْلَمُونَ عِلْمًا قَطْعِيًّا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَهَا. وَبَسْطُ الْكَلاَمِ فِي هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي آدَمَ يَذْكُرُهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ بِغَيْرِ إسْنَادٍ، وَمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ مَعَ زِيَادَاتٍ أُخَرَ؛ كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ: وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ آدَمَ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي - قَالَ: وَيُرْوَى: تَقَبَّلْ تَوْبَتِي - فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَ مُحَمَّدًا؟ قَالَ: رَأَيْتُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - قَالَ: وَيُرْوَى: مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي - فَعَلِمْتُ أَنَّهُ أَكْرَمُ خَلْقِك عَلَيْك؛ فَتَابَ عَلَيْهِ وَغَفَرَ لَهُ.

وَمِثْلُ هَذَا لاَ يَجُوزُ أَنَّ تُبْنَى عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ فِي الدِّينِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ الإسرائيلياتِ وَنَحْوِهَا الَّتِي لاَ يُعْلَمُ صِحَّتُهَا إلاَّ بِنَقْل ِثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذِهِ لَوْ نَقَلَهَا مِثْلُ كَعْبِ الأَْحْبَارِ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَأَمْثَالِهِمَا مِمَّنْ يَنْقُلُ أَخْبَارَ الْمُبْتَدَأِ وَقَصَصَ الْمُتَقَدِّمِينَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْتَجَّ بِهَا فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ، بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَكَيْفَ إذَا نَقَلَهَا مَنْ لاَ يَنْقُلُهَا لاَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ عَنْ ثِقَاتِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ إنَّمَا يَنْقُلُهَا عَمَّنْ هُوَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ مَجْرُوحٌ ضَعِيفٌ لاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَاضْطَرَبَ عَلَيْهِ فِيهَا اضْطِرَابًا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ. وَلاَ يَنْقُلُ ذَلِكَ وَلاَ مَا يُشْبِهُهُ أَحَدٌ مِنْ ثِقَاتِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُعْتَمَدُ عَلَى نَقْلِهِمْ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ جِنْسِ مَا يَنْقُلُهُ إسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ وَأَمْثَالُهُ فِي كُتُبِ الْمُبْتَدَأِ، وَهَذِهِ لَوْ كَانَتْ ثَابِتَةً عَنِ الأَْنْبِيَاءِ لَكَانَتْ شَرْعًا 


الشرح