قوله: «اجْتَمَعَ
فِي الْحِجْرِ مُصْعَبٌ وَعُرْوَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ أَبْنَاءُ الزُّبَيْرِ
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالُوا: تَمَنَّوْا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
الزُّبَيْرِ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى الْخِلاَفَةَ، وقال عُرْوَةُ: أَمَّا
أَنَا فَأَتَمَنَّى أَنْ يُؤْخَذَ عَنِّي الْعِلْمُ، وقال مُصْعَبٌ: أَمَّا أَنَا
فَأَتَمَنَّى إمْرَةَ الْعِرَاقِ وَالْجَمْعَ بَيْنَ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ
وَسُكَيْنَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، وقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَمَّا أَنَا
فَأَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ. قَالَ: فَنَالَ كُلُّهُمْ مَا تَمَنَّوْا، وَلَعَلَّ
ابْنَ عُمَرَ قَدْ غُفِرَ لَهُ». هذا واقع هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم: فابن
الزبير تولى على الحجاز، ومصعب أخوه تولى على العراق، وعُروة أخذ العلم وأُخذ عنه
العلم، فهو أحد الفقهاء السبعة، وعبد الله بن عمر كان معروفًا بالزهد والعبادة
والإعراض عن طلب الدنيا؛ لكن لم يثبتْ أنهم قالوا هذه المقالة.
قوله: «وَهَذَا إسْنَادٌ خَيْرٌ مِنْ ذَاكَ
الإِْسْنَادِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَيْسَ فِيهِ سُؤَالٌ
بِالْمَخْلُوقَاتِ». لو ثبت فليس فيه توسل للمخلوقين، إنما سألوا الله دون
توسل لأحد، وما ذكره فيه نالوه.
قوله: «وَفِي الْبَابِ حِكَايَاتٌ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ رَأَى مَنَامًا قِيلَ لَهُ فِيهِ: اُدْعُ بِكَذَا وَكَذَا، وَمِثْلُ هَذَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلاً بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ». الأحاديث الضعيفة لا يجوز أن تكون دليلاً، وكذلك الرؤى والأحلام لا يُبنى عليها أحكام شرعية، وكذلك حصول المقصود لا يدل على الجواز، وكذلك يكون الشيء فيه مصلحة لا يدل على مشروعيته، إلا إذا لم يعارض هذه المصلحة ما هو أرجح منها - كما سيأتي - فلا يُعتمد في أمور الدين على هذه الأمور، لا سيما في أمور العقيدة. وهذا أصل عظيم في الاستدلال، ولكن هذه الأمور هي التي يبني عليها الخرافيون، وليس عندهم أدلة صحيحة من الكتاب والسُّنة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد