قوله: «جَاءَ
رَجُلٌ إلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبْجَرَ فَجَسَّ بَطْنَهُ
فَقَالَ: بِك دَاءٌ لاَ يَبْرَأُ. قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: الدُّبَيْلَةُ. قَالَ:
فَتَحَوَّلَ الرَّجُلُ فَقَالَ: اللَّهَ اللَّهَ اللَّهَ رَبِّي لاَ أُشْرِكُ بِهِ
شَيْئًا، اللَّهُمَّ إنِّي أَتَوَجَّهُ إلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ
الرَّحْمَةِ صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا، يَا مُحَمَّدُ إنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ
إلَى رَبِّكَ وَرَبِّي يَرْحَمُنِي مِمَّا بِي. قَالَ: فَجَسَّ بَطْنَهُ فَقَالَ:
قَدْ بَرِئْت مَا بِكَ عِلَّةٌ». هذا من الكذب أيضًا أن هذا الرجل فيه مرض
خطير، ثم توسل بمحمد فشُفي، هذا مخالف للأدلة الصحيحة، ومجرد حكاية لا يعتمد
عليها.
قوله: «وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُمُ التَّوَسُّلَ
بِذَاتِهِ فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ». التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم منه
ما هو جائز بالإجماع، وهو التوسل بدعائه، وهذا إنما يكون في حياته ووجوده صلى الله
عليه وسلم، وأما بعد موته فلا يُتوسل بدعائه؛ لأنه لا يدعو وهو ميت؛ لأنَّ الدعاء
عمل، والميت انقطع عملُه، أمَّا إذا كان المراد التوسل بذاته، فهذا محل النزاع،
والأكثر على منعه، فمنهم من أجاز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا قول
ليس عليه دليل، وأيضًا: ليس عليه إلا قلة من أهل العلم.
قوله: «فَلاَ نِزَاعَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ»
أي: لا نزاع بين الناس في جواز التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا
إنما يكون في حياته صلى الله عليه وسلم ووجوده.
قوله: «وَمَا تَنَازَعُوا فِيهِ يُرَدُّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ». قال بجوازه بعض العلماء، والأكثر على منعه، والقاعدة أن ما تنازع فيه العلماء واختلفوا فيه يُرد إلى الكتاب والسنة، فما شهد له الدليل يُقبل، وما خالف الدليل يُرد، قال الله جل وعلا: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59]، فالخلاف لا بد منه، والنزاع لا بدَّ أن يحصل، ولكن الله جل وعلا جعل لنا مرجعًا نرجع إليه يحسم النزاع والخلاف وهو: الكتاب والسنة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد