×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويطلبون منه الدعاء؛ لعلمهم أن ذلك غير مشروع ولا يجوز، فيكون هذا من اجتهاد عثمان بن حنيف رضي الله عنه، وظن أن حالة الموت مثل حالة الحياة بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم. ولم يوافقه عليه أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: «وَظَنَّ أَنَّ هَذَا مَشْرُوعٌ بَعْدَ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم »، فالنتيجة أنه ظن أن هذا مشروع بعد موته، أما مسألة الأسانيد والزيادات التي في الروايات، فهذا من جهة التحقيق واستقصاء الروايات، ومعلوم أن شيخ الإسلام رحمه الله إذا دخل في شيء أفاض فيه، ولم يخرج منه حتى يتقنه إتقانًا، ويلم به إلمامًا واسعًا.

الحاصل: أن عثمان بن حنيف رضي الله عنه ظن أن هذا ما يُشرع بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك أمر الرجل أن يفعل مثل ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأعمى، وهذا ليس بأعمى، ولكن له حاجة عند عثمان بن عفان الخليفة، فظن عثمان رضي الله عنه أن هذا يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، وهذا غير صحيح.

قوله: «وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يُنَاقِضُ ذَلِكَ». عثمان بن حنيف رضي الله عنه لم يأت بشيء من عنده، وإنما استدل بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأعمى الذي جاءه في حياته، وظن أنه يشمل ما بعد الموت اجتهادًا منه.

قوله: «وَإِنَّمَا يُدْعَى بِهَذَا الدُّعَاءِ إذَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَاعِيًا شَافِعًا لَهُ». الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يكون داعيًا وشافعًا في حال حياته؛ أمَّا بعد موته فلا يُطلب منه شيء؛ لا دعاء، ولا شفاعة، ولا شيء، فيكون عثمان بن حنيف رضي الله عنه فهم هذا الفهم، فهذا لا يُسلم له، فهناك فرق بين الحياة والموت.


الشرح