كَشَفَاعَتِهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فِي الْخَلْقِ، وَلِهَذَا أَمَرَ طَالِبَ الدُّعَاءِ أَنْ يَقُولَ:
«فَشَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِيهِ».
****
الشرح
قوله: «وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ:
«وَشَفِّعْنِي فِيهِ»، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَشْفَعُ لِلنَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم - وَإِنْ كُنَّا
مَأْمُورِينَ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، وَأُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ
اللَّهَ لَهُ الْوَسِيلَةَ». اللفظة الواردة في حديث الأعمى: «وَشَفِّعْنِي فِيهِ». فهل الرسول صلى الله عليه وسلم بحاجة إلى أن
يشفع له أحد عند الله؟ لا، ولكن هذا من قبيل الدعاء للرسول صلى الله عليه وسلم،
فالصلاة والسلام عليه هذا الدعاء، وطلب الوسيلة له صلى الله عليه وسلم بعد الأذان
دعاء، والدعاء نوع من الشفاعة، والفائدة تعود على الذي يدعو للرسول صلى الله عليه
وسلم؛ لأنه إذا دعا له حلَّتْ له شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله
عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ
وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا»، «ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ...»». وتكون الفائدة طلب
الوسيلة عائدة إلى الداعي؛ لأنَّ الرسول يشفع له يوم القيامة.
قوله: «وَلِهَذَا كَانَ الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ
الْعَمَلِ؛ فَمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ، وَمَنْ سَأَلَ
اللَّهَ لَهُ الْوَسِيلَةَ الْمُتَضَمِّنَةَ لِشَفَاعَتِهِ؛ شَفَعَ لَهُ صلى الله
عليه وسلم »؛ إذًا تكون الفائدة عائدة إلى المصلي، وإلى الداعي للرسول صلى
الله عليه وسلم.
قوله: «وَذَلِكَ أَنَّ قَبُولَ دُعَاءِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم فِي مِثْلِ هَذَا هُوَ مِنْ كَرَامَةِ الرَّسُولِ عَلَى
رَبِّهِ، وَلِهَذَا عُدَّ هَذَا مِنْ آيَاتِهِ وَدَلاَئِلِ نُبُوَّتِهِ». لما
دعا للأعمى رد الله بصره في الحال، فهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، ومن
كرامته على ربه عز وجل؛ من أجل أن يظهر ذلك للناس.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد