×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 قوله: «وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا: لَيْسَ عَلَيْهَا لُزُومُ الْمَنْزِلِ» أي: البقاء في المنزل، بينما في سُنة النبي صلى الله عليه وسلم: «امْكُثِي فِي الْبَيْتِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» ([1])، فالآية ليس فيها لزوم المنزل: ﴿وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ يُسۡرٗا [الطلاق: 4]، ولكن جاءت السُّنة بأنها تلزم المنزل، فلعل المخالف لم تبلغه هذه السنة.

قوله: «وَقَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ: إنَّ الْمَبْتُوتَةَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ»، المبتوتة: هي المطلقة طلاًقا بائنًا، والسكنى والنفقة للرجعية لأنها زوجة، قال تعالى: ﴿لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ [الطلاق: 1]، فالرجعية لها حكم الزوجات ما دامت في العدة، وله أن يرجعها، قال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنۡ أَرَادُوٓاْ إِصۡلَٰحٗاۚ [البقرة: 228]، أمَّا المبتوتة التي لا رجعة لها وهي البائن بينونة صغرى أو كبرى، فليس لها نفقة ولا سكنى؛ لانقطاع آثار النكاح عنها، وهذا قول الجمهور، وعليه يدل حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حكم أن ليس لها نفقة ولا سكنى ([2])؛ لأنها مبتوتة. بينما الصحابة رضي الله عنهم يرون أن لها السكنى والنفقة؛ أخذًا من سورة النساء الصغرى - وهي سورة الطلاق -: ﴿أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ سَكَنتُم مِّن وُجۡدِكُمۡ وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيۡهِنَّۚ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ فَإِنۡ أَرۡضَعۡنَ لَكُمۡ فَ‍َٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأۡتَمِرُواْ بَيۡنَكُم بِمَعۡرُوفٖۖ وَإِن تَعَاسَرۡتُمۡ فَسَتُرۡضِعُ لَهُۥٓ أُخۡرَىٰ [الطلاق: 6].


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (2300)، والترمذي رقم (1204)، والنسائي رقم (3528)، وابن ماجه رقم (2031).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1480).