لذلك، فلاحظوا صورة الفعل،
ولم يلاحظوا القصد، وأنه لم يقصد المكان لذاته لأجل العبادة فيه، وإنما قصد أداء
الفريضة وهو يسير في الطريق، فهم لم يلاحظوا القصد، وإنما يأخذون صور الأفعال دون
تفصيلٍ.
قوله: «بَلْ تَخْصِيصُ ذَلِكَ الْمَكَانِ
بِالصَّلاَةِ مِنْ بِدَعِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّتِي هَلَكُوا بِهَا». أهل
الكتاب لما تتبعوا آثار أنبيائهم تركوا دينهم، ووقعوا في الشرك والغلو والعياذ
بالله، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ
لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ﴾ [النساء: 171].
قوله: «وَنَهَى الْمُسْلِمِينَ عَنِ التَّشَبُّهِ
بِهِمْ فِي ذَلِكَ»، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([1])، وقال: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ
مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُو» ([2]).
قوله: «فَفَاعِلُ ذَلِكَ مُتَشَبِّهٌ بِالنَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم فِي الصُّورَةِ، وَمُتَشَبِّهٌ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي
الْقَصْدِ الَّذِي هُوَ عَمَلُ الْقَلْبِ» أي: مَن تتبع الآثار التي لم يقصدها
الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما جلس فيها، أو صلى فيها، أو نام فيها مصادفة
للاستراحة أو للحاجة، مَن تتبع هذا فقد اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم بالصورة
فقط، أما في القصد فاقتدى باليهود والنصارى في تعظيم آثار أنبيائهم.
قوله: «وَهَذَا هُوَ الأَْصْلُ»، الذي يقول: أنا أصلي في المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أنزل في المنزل الذي نزل فيه، أو أبني عليه، وأن هذا من التشبه بالرسول صلى الله عليه وسلم، ونقول: هذا تشبه بصورة الفعل فقط،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4031)، وأحمد رقم (5115)، وابن أبي شيبة رقم (19401).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد