خلاف ذلك، ويرون أن الحاج إذا رمى الجمرة، وحلق رأسه، فإنه يحل له كل شيء
من محظورات الإحرام إلا للنساء فقط، فإذا طاف بالبيت حل له كل شيء من محظورات
الإحرام. هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، هذا من ناحية آراء العلماء، أما من ناحية
الدليل، فعائشة رضي الله عنها تقول: «كُنْتُ
أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ،
وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» ([1])، تعني: يوم العيد،
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رمى الجمرة، ونحر هديه، حلق رأسه، تحلل
ولبس ثيابه، وطيبته عائشة رضي الله عنها؛ فدل على أن الطيب للمحرم قبل الطواف
بالبيت جائز؛ بل قد يكون مستحبًّا، مع أن عمر بن الخطاب وابنه يخالفان في ذلك مع
جلالة قدرهما، فوجود الاختلاف ليس غريبًا، والحمد لله أن الله جعل لنا ميزانًا نزن
به الأقوال وهو الكتاب والسنة؛ قال تعالى: ﴿فَإِن
تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾ [النساء: 59].
فلا عبرة بوجود الاختلاف، وإنما العبرة بما دل عليه الدليل، فتكون مسألة عثمان بن حنيف رضي الله عنه من الخلاف الذي يُرد إلى الكتاب والسنة، ولم يثبت أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، وإنما كانوا يتوسلون بدعائه صلى الله عليه وسلم يوم أن كان حيًّا، فلما مات عدلوا عنه وتوسلوا بدعاء عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ([2])؛ فدل على أن الميت لا يُطلب منه شيء، لا الدعاء، ولا الشفاعة، ولا غير ذلك؛ لأنه قد انتهى عمله: «إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ:...» ([3])، فلا يستطيع أن يدعو، أو أن يعمل شيئًا لنفسه ولا لغيره.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1539)، ومسلم رقم (1189).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد