وَأَمَّا السُّؤَالُ بِهِ
مِنْ غَيْرِ إقْسَامٍ بِهِ، فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا مَنَعَ مِنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ
مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَالسُّنَنُ الصَّحِيحَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا
يَفْعَلُهُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ وَأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَجَابُ بِهِ
الدُّعَاءُ. وَمَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا،
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبًّا، وَكُلُّ مَا كَانَ وَاجِبًا أَوْ
مُسْتَحَبًّا فِي الْعِبَادَاتِ وَالأَْدْعِيَةِ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَشْرَعَهُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأُِمَّتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَشْرَعْ هَذَا
لأُِمَّتِهِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَلاَ مُسْتَحَبًّا، وَلاَ يَكُونُ قُرْبَةً
وَطَاعَةً وَلاَ سَبَبًا لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ
الْكَلاَمِ عَلَى هَذَا كُلِّهِ.
****
الشرح
تقدم الكلام على هذا
في أول بحث التوسل من هذا الكتاب، فيُرجع إليه، ولكن أعاده الشيخ رحمه الله من باب
تقرير المسألة وتأكيدها، وإيضاح الحق فيها، فالمشروع لا يخلو إما يكون واجبًا أو
مستحبًّا، والتوسل ليس واجبًا ولا مستحبًّا، إذًا هو غير مشروع، لا أحد يقول: إنه
واجب، ولا أحد يقول: إنه مستحب؛ لأن الوجوب والاستحباب يحتاجان إلى دليل، ولا دليل
على ذلك، إذًا التوسل ليس مشروعًا، فلا يمكن لصاحبه أن يقول: إنه واجب، ولا إنه
مشروع؛ لأنه لو قال ذلك قيل له: هاتِ الدليل، ولا يستطيع أن يقيم دليلاً عليه.
إذًا هو غير مشروع، وإذا كان غير مشروع فهو بدعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ» ([1])، وقال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([2]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1718).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد