×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُم، مَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ» ([1])، فهذا عام في المنع من الحلف بكل المخلوقات.

قوله: «وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ بِهَا لَزِمَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ بِكُلِّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَبِكُلِّ نَفْسٍ أَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا»، فإن كان الذي يسأل بهذه المخلوقات يقسم بها على الله، فهذا حرام؛ لأنه لا يجوز الإقسام بغير الله، وإن يسأل بها ولا يقسم بها، وإنما يتوسل بها، فيلزمه أن يتوسل بكل مخلوقٍ، ولا يخص شيئًا دون شيءٍ.

قوله: «فيَسْأَلَهُ بِالرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ وَالْكَوَاكِبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَار». كل هذه أقسم الله بها «التين والزيتون»؛ لأن التين نبات الطور الذي كلم الله عليه موسى عليه والسلام، والزيتون موطن المسيح عليه السلام في فلسطين، «وَيَسْأَلَهُ بِالْبَلَدِ الأَْمِينِ مَكَّةَ» موطن محمد صلى الله عليه وسلم، فأقسم الله جل وعلا بمواطن الأنبياء الثلاثة عليهم الصلاة والسلام.

قوله: «وَيَلْزَمُ أَنْ يَسْأَلَهُ بِالْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي عُبِدَتْ مِنْ دُونِ اللَّهِ»، إذا نظرنا إلى أفعال الناس وتصرفاتهم واحتججنا بها، اتسع الكلام وساء؛ لأن أفعال الناس كثيرة متنوعة، وإن كانوا يعظمون هذه الأشياء ويتقربون إلى الله بها، فنحن لا ننظر إلى أفعالهم وتصرفاتهم واعتقاداتهم، وإنما ننظر إلى ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما دل عليه كتاب الله جل وعلا، وسُنة رسول صلى الله عليه وسلم، ونزن كلَّ ما عليه الناس من الاعتقادات والأفعال والعبادات بهذا الميزان، وهو الكتاب والسنة؛ فما وافق الكتابَ والسنةَ فهو حق، وما خالف الكتابَ والسنةَ فهو باطل


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2679)، ومسلم رقم (1646).