لَكِنْ قَدْ رُوِيَ فِي
جَوَازِ ذَلِكَ آثَارٌ وَأَقْوَالٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَكِنْ لَيْسَ
فِي الْمَنْقُولِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ ثَابِتٌ، بَلْ
كُلُّهَا مَوْضُوعَةٌ، وَأَمَّا النَّقْلُ عَمَّنْ لَيْسَ قَوْلُهُ حُجَّةً
فَبَعْضُهُ ثَابِتٌ وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ: «بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْك وَبِحَقِّ
مَمْشَايَ هَذَا»، رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ فضيلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ،
عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ إذَا خَرَجَ إلَى الصَّلاَةِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك
بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْك، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا، فَإِنِّي لَمْ
أَخْرُجْ أَشَرًا وَلاَ بَطَرًا وَلاَ رِيَاءً وَلاَ سُمْعَةً، خَرَجْت اتِّقَاءَ
سَخَطِك وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِك، أَسْأَلُك أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ
وَأَنْ تُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إنَّهُ لاَ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ؛ خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ
يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، وَأَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَقْضِيَ
صَلاَتَهُ» ([1]). وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ
مِنْ رِوَايَةِ عَطِيَّةَ الصَّالحيةِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ
بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَدْ رُوِيَ
مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَلَفْظُهُ لاَ حُجَّةَ فِيهِ،
فَإِنَّ حَقَّ السَّائِلِينَ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُمْ، وَحَقَّ الْعَابِدِينَ
أَنْ يُثِيبَهُمْ، وَهُوَ حَقٌّ أَحَقَّهُ اللَّهُ تعالى عَلَى نَفْسِهِ
الْكَرِيمَةِ بِوَعْدِهِ الصَّادِقِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِإِيجَابِهِ
عَلَى نَفْسِهِ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْكَلاَمِ
عَلَى ذَلِكَ.
وَهَذَا
بِمَنْزِلَةِ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ سَأَلُوهُ فِي الْغَارِ بِأَعْمَالِهِمْ:
فَإِنَّهُ سَأَلَهُ هَذَا بِبِرِّهِ الْعَظِيمِ لِوَالِدَيْهِ، وَسَأَلَهُ هَذَا
بِعِفَّتِهِ الْعَظِيمَةِ عَنِ الْفَاحِشَةِ، وَسَأَلَهُ هَذَا بِأَدَائِهِ
الْعَظِيمِ لِلأَْمَانَةِ.
****
الشرح
قوله: «لَكِنْ قَدْ رُوِيَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ آثَارٌ وَأَقْوَالٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ» أي: التوسل إلى الله بالمخلوق ورد فيه آثار وأقوال عن بعض
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (1778)، وأحمد رقم (11156)، والطبراني في الدعاء رقم (421).([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (1778)، وأحمد رقم (11156)، والطبراني في الدعاء رقم (421).