×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

قوله: «وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ: «بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْك، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا»»، ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الماشي إلى المسجد يدعو بهذا الدعاء: «اللَّهُمَّ تَعْلَمُ أنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلاَ بَطَرًا، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سَخطكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا»، قالوا: هذا توسل إلى الله بحق السائلين على الله.

والجواب عن هذا كما ذكر الشيخ من وجهين:

الوجه الأول: أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيه من لا يحتج بروايته، وهو عطية العوفي ضعيف، وأيضًا: هو مرمي بالتشيع، فلا يحتج به.

الوجه الثاني: لو ثبت، فإنه ليس فيه حجة لهم؛ قال: «أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ»، وحق السائلين إجابتهم؛ كما في الحديث القدسي: «مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟» ([1])، فحق السائلين أن يجيبهم، وإجابة السائلين صفة من صفات الله، فهو السميع المجيب سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٞ مُّجِيبٞ [هود: 61]، فهو توسل إلى الله بصفةٍ من صفاته، وهي إجابة السائلين، ولم يتوسل بمخلوق، فليس فيه دليل لهم ولله الحمد.

قوله: «حَقّ السَّائِلِينَ»، الله جل وعلا لا يجب عليه شيء، وإنما هو حق تفضَّل به سبحانه، وأوجبه على نفسه، ووعد به، وهو لا يخلف وعده سبحانه وتعالى.

قوله: «وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ سَأَلُوهُ فِي الْغَارِ بِأَعْمَالِهِمْ»، هذا الحديث لو ثبت فإنه من جنس التوسل بالأعمال الصالحة؛


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1145)، ومسلم رقم (758).