×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

ثُمَّ قال تعالى: ﴿سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ [التوبة: 59] فَذَكَرَ الإِْيتَاءَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، لَكِنْ وَسَّطَهُ بِذِكْرِ الْفَضْلِ؛ فَإِنَّ الْفَضْلَ لِلَّهِ وَحْدَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ.

****

الشرح

قوله: «فَإِنَّهُ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ»، خصها بنفسه سبحانه وتعالى؛ لأنَّ التقوى والخشية نوعان من أنواع العبادة.

وقوله تعالى: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ [التوبة: 59]، الإيتاء يكون من الله ورسوله؛ كإعطاء المال، وكذلك الرزق يكون من الله والرسول، فالرسول صلى الله عليه وسلم يعطي بأمر الله سبحانه وتعالى من الفيء والغنيمة. ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ أي: المنافقون ﴿رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ، فالحسب هو الكافي، وهو الله جل جلاله، فالذي لله لا يشاركه فيه أحد، ﴿سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ [التوبة: 59]، الإيتاء مشترك، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ [الحشر: 7]، فالله تعالى يؤتي ويعطي، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم يؤتي ويعطي بأمر الله عز وجل؛ أمَّا الحسب فهو خاص بالله جل وعلا، ﴿وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ أي: من عطائه، ﴿وَرَسُولُهُۥٓ أي: من عطائه بأمر الله جل وعلا، ﴿إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ [التوبة: 59] خَصَّ الرَّغَب بالله وحَصَرَه بـ﴿إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ، لا إلى غيره، ولم يذكر: إنا إلى الله ورسوله راغبون؛ لأن الرغب نوع من أنواع العبادة، والعبادة لا تصلح إلا لله، قال تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ ٧وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرۡغَب ٨ [الشرح: 7، 8]، والرغب هو الطمع في رحمة الله ورزق الله، وكل هذا عبادة لله عز وجل.


الشرح