×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

وقال تعالى: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ [التوبة: 59]، وقال تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ ٧وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرۡغَب ٨ [الشرح: 7، 8]، فَبَيَّنَ سبحانه وتعالى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِهَؤُلاَءِ أَنْ يَرْضَوْا بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيَقُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ، إنَّا إلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ. فَذَكَرَ الرِّضَا بِمَا آتَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ لأَِنَّ الرَّسُولَ هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللَّهِ فِي تَبْلِيغِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَتَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ، وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ؛ فَالْحَلاَلُ مَا حَلَّلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ الله تعالى: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ [الحشر: 7].

فَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الأَْمْوَالِ إلاَّ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالأَْمْوَالُ الْمُشْتَرَكَةُ لَهُ كَمَالِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَالصَّدَقَاتِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْضَى بِمَا آتَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْهَا، وَهُوَ مِقْدَارُ حَقِّهِ لاَ يَطْلُبُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ.

ثُمَّ قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ [التوبة: 59] وَلَمْ يَقُلْ وَرَسُولُهُ فَإِنَّ الحَسْبَ هُوَ الْكَافِي، وَاللَّهُ وَحْدَهُ كَافٍ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [الأنفال: 64] أَيْ: هُوَ وَحْدَهُ حَسْبُك وَحَسْبُ مَنِ اتَّبَعَك مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ كَمَا بُيِّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ؛ وَالْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ كَافٍ لِلرَّسُولِ وَلِمَنِ اتَّبَعَهُ، فَكُلُّ مَنِ اتَّبَعَ الرَّسُولَ فَاللَّهُ كَافِيهِ وَهَادِيهِ وَنَاصِرُهُ وَرَازِقُهُ.


الشرح