فإذا فرغت من أشغالك فانصب
في طاعة الله واجتهدْ، فدلَّ على أن المسلم ليس له فراغ، بل إنه دائم في عملٍ
لدينه ودنياه، ﴿فَإِذَا فَرَغۡتَ
فَٱنصَبۡ﴾، ثم قال: ﴿وَإِلَىٰ
رَبِّكَ فَٱرۡغَب﴾، لا إلى غيره؛ لأن الرغب نوع من أنواع العبادة، وهو خاص
بالله.
قوله: «فَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ
الأَْمْوَالِ إلاَّ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالأَْمْوَالُ
الْمُشْتَرَكَةُ لَهُ كَمَالِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ...». المال المشترك
بين المسلمين - وهو الفيء، والغنيمة - والموارد المشتركة هذه لكل مسلم فيها حق؛
لكن لا يأخذ أكثر من حقه الذي فُرض له، فلا يخون بيت المال ويأخذ ليتمكن، أو يأخذ
من الغنائم، هذا غلول، ومن أكبر الكبائر، فإذا تولى شيئًا من أموال المسلمين لا
يأخذ إلا ما فرض له ولي الأمر، ولا يخون.
قوله: «ثُمَّ قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ﴾ [التوبة: 59]. وَلَمْ يَقُلْ: وَرَسُولُهُ فَإِنَّ
الحسب هُوَ الْكَافِي»، وهو الله عز وجل، والله وحده هو كافي عباده المؤمنين؛
قال الله تعالى: ﴿أَلَيۡسَ ٱللَّهُ
بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ﴾ [الزمر: 36].
وفي قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الأنفال: 64]، قوله: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَكَ﴾ معطوف على ضمير الخطاب في قوله: ﴿حَسْبُكَ﴾، «أي: هو وحده حسبك وحسبُ من اتبعك من المؤمنين»، هذا هو التفسير الصحيح للآية. أمَّا مَن قال: إن ﴿وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ معطوف على الله، فيكون المعنى: يأيها النبي حسبك الله، وحسبك مَن اتبعك من المؤمنين، وهذا غلط؛ لأن الحسب خاص بالله سبحانه وتعالى، فهو حسبنا ونعم الوكيل.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد