×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 ثُمَّ قال تعالى: ﴿إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ [التوبة: 59] فَجَعَلَ الرَّغْبَةَ إلَى اللَّهِ وَحْدَهُ دُونَ الرَّسُولِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ.

فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ سَوَّى بَيْنَ الْمَخْلُوقَاتِ فِي هَذِهِ الأَْحْكَامِ، لَمْ يَجْعَلْ لأَِحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ - سَوَاءٌ كَانَ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا - أَنْ يُقْسِمَ بِهِ، وَلاَ أن يَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَرْغَبَ إلَيْهِ، وَلاَ يَخْشَى وَلاَ يَتَّقِيَ.

وقال تعالى: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ ٢٢وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ ٢٣ [سبأ: 22، 23].

****

الشرح

قوله: «ثُمَّ قال تعالى: ﴿إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ [التوبة: 59] فَجَعَلَ الرَّغْبَةَ إلَى اللَّهِ وَحْدَهُ»، حصر الرغبة لله، ولم يقل: إنا إلى الله ورسوله راغبون، فانظرْ إلى أسلوب القرآن العظيم؛ الأسلوب البليغ.

قوله: «فَجَعَلَ الرَّغْبَةَ إلَى اللَّهِ وَحْدَهُ دُونَ الرَّسُولِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ»، فلا يرغب أحدٌ إلا إلى الله: ﴿وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرۡغَب [الشرح: 8].

قوله: «فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ سَوَّى بَيْنَ الْمَخْلُوقَاتِ فِي هَذِهِ الأَْحْكَامِ»، فلا تُعبد مع الله، ولا يُطلب منها شيء لا تقدر عليه، بل هذا يطلب من الله وحده، إن كان بعض المخلوقات أفضل من بعض، فكونها تتفاضل لا يقتضي أن بعضها يُعبد مع الله، أو يُشرك مع الله سبحانه وتعالى مهما بلغ من الفضل، فإن العبادة لله وحده لا شريك له بجميع أنواعها، ليس لأحدٍ فيها استحقاق، لا مَلَك مقرَّب، ولا نبي مرسل، فضلاً عن غيرهما.


الشرح