×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 قوله: «لَمْ يَجْعَلْ لأَِحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ - سَوَاءٌ كَانَ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا - أَنْ يُقْسِمَ بِهِ، وَلاَ يَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَرْغَبَ إلَيْهِ، وَلاَ يَخْشَى وَلاَ يَتَّقِيَ». الحلف عبادة للمحلوف؛ لأنه تعظيم للمحلوف، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» ([1]).

وقوله تعالى: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم، مما يدل على أن الخلق لا يملكون شيئًا إلا ما أقدرهم الله عليه، ولا يُطلب منهم شيء إلا في حدود استطاعتهم. هذه الآية الكريمة يقول العلماء: إنها تقطع عروق الشرك من أصله: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ، هذا تحد قائم إلى الساعة لكل مشركٍ على وجه الأرض، سواء من الأولين أو من الآخرين، ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ ٢٢وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ ٢٣ [سبأ: 22، 23].

إذا ما بقي شيء، لأن المدعو إما أن يكون مالكًا لما يُطلب منه أو لا؛ فإن لم يكن مالكًا فإما أن يكون شريكًا للمالك أو لا، فإن لم يكن شريكًا فإما أن يكون وزيرًا أو معينًا للمالك أو لا، فإن لم يكن وزيرًا ولا معينًا فعلى الأقل يكون شافعًا ومتوسطًا، وكل هذه الأمور منتفية فيمن عُبد من دون الله، فلا يملك شيئًا، وليس له اشتراك في السماوات والأرض، الملك كله لله، ولا معين لله، ولا ظهير لله؛ لأن الله غني عن خلقه، فبقيت الشفاعة، والشفاعة حق، ولكن لا تكون


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3251)، والترمذي رقم (1535)، وأحمد رقم (6072).