فَقَدْ تَهَدَّدَ
سُبْحَانَهُ مَنْ دَعَا شَيْئًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لاَ
مِلْكَ لَهُمْ مَعَ اللَّهِ وَلاَ شِرَكًا فِي مُلْكِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ
عَوْنٌ وَلاَ ظَهِيرٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ؛ فَقَطَعَ تَعَلُّقَ الْقُلُوبِ
بِالْمَخْلُوقَاتِ؛ رَغْبَةً وَرَهْبَةً وَعِبَادَةً وَاسْتِعَانَةً، وَلَمْ
يُبْقِ إلاَّ الشَّفَاعَةَ وَهِيَ حَقٌّ؛ لَكِنْ قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ
عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ﴾ [سبأ: 23].
****
الشرح
قوله: «فَقَدْ تَهَدَّدَ سُبْحَانَهُ مَنْ دَعَا
شَيْئًا مِنْ دُونِ اللَّهِ»، فهذا الأمر أمر تهديد وتحد، وليس أمر إيجاد أو
طلب.
قوله: «وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لاَ مِلْكَ لَهُمْ مَعَ
اللَّهِ وَلاَ شِرْكًا فِي مُلْكِهِ»، ليس لهم ملك مستقل في السماوات ولا في
الأرض، فهل السماوات والأرض مقسومة، بعضها لله، وبعضها لغير الله؟ حاشا وكلا، بل
السماوات والأرض كلها لله، ولا أحد يدعي أن له شركة في السماوات أو في الأرض؛ لأن
ملك السماوات والأرض لله جل جلاله: ﴿وَلِلَّهِ
مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ﴾ [آل عمران: 189]، فإن لم يكن له ملك مستقل، فربما يكون
شريكًا في الملك، والله ليس له شريك من خلقه في سماواته وأرضه أبدًا، فليست
السماوات مشتركة بين الله وبين خلقه، وليست الأرض مشتركة بين الله وبين خلقه، فإن
قلت: أليس الناس يملكون المزارع والدور؟ نقول: هذا ملك مؤقت مستعار، والله هو الذي
ملكهم إياه، وسيسلبه منهم، فليس ملكًا مستمرًّا أبدًا.
قوله: «وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَوْنٌ وَلاَ ظَهِيرٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ». هذا القسم الثالث: إذا لم يكن مالكًا ولا شريكًا للمالك، فربما يكون مقربًا عنده ومعينًا ووزيرًا له، والله ليس له معين ولا وزير.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد