للناس: اتخذوني مع الله! ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ﴾ لا للمسيح ولا غيره
﴿أَن يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ
وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ﴾، هذه أعظم درجات التفضيل أن يؤتيه الله الكتاب والحكم
والنبوة، ﴿ثُمَّ يَقُولَ
لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾، لا يقول هذا، وإن
كان الله قد أعطاه هذه الفضائل العظيمة؛ لأن ما آتاه الله من الكتاب والحكم
والنبوة ينهى عن ذلك، فكيف يخالف ما آتاه الله ويقول للناس: ﴿كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن
دُونِ ٱللَّهِ﴾ كما تزعم النصارى أن المسيح يعبد من دون الله، ﴿وَلَٰكِن كُونُواْ
رَبَّٰنِيِّۧنَ﴾: ولكن يأمرهم بأن يكونوا ربانيين؛ أي: علماء عاملين بعلمكم،
والرباني: هو العالم العامل بعلمه، والرباني - أيضًا - يطلق على المربي الذي يربي
الناس على العلم وبالعلم، فأمرهم أن يكونوا ربانيين في تعليمهم للناس فيربونهم على
التوحيد وإخلاص العبادة لله، ﴿بِمَا
كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ﴾، وفي قراءة: «وَبِمَا كُنْتُمْ تدرسُونَ»، هذا الذي
جاءت به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فالربانية إخلاص العبادة لله عز وجل،
وتربية الناس وتعليمهم.
فهذا فيه ردٌّ على
النصارى الذين اتخذوا المسيح ربًّا: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ
أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ
مَرۡيَمَ﴾ أي: اتخذوه ربًّا، ﴿وَمَآ
أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ
سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [التوبة: 31].
وقوله: ﴿وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن
تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّۧنَ أَرۡبَابًاۗ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ
بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران: 80]، لا يليق بنبيٍّ من الأنبياء أن يأمر
بهذا، فكيف بعيسى عليه السلام ؟! لا يليق به أن يقول للناس: اتخذوني إلهًا مع
الله، ﴿وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ
ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ﴾ الذين هم عباد الله المقربون عنده،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد