وَلاَ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ
أَحَدٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ، فَضْلاً عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ
الْمَشَايِخِ وَالصَّالِحِينَ.
فَسُؤَالُ اللَّهِ
تعالى بِالْمَخْلُوقَاتِ: إنْ كَانَ بِمَا أَقْسَمَ بِهِ وَعَظَّمَهُ مِنَ
الْمَخْلُوقَاتِ، فَيَسُوغُ السُّؤَالُ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
سَائِغًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْأَلَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالتَّفْرِيقُ فِي
ذَلِكَ بَيْنَ مُعَظِّمٍ وَمُعَظِّمٍ؛ كَتَفْرِيقِ مَنْ فَرَّقَ فَزَعَمَ أَنَّهُ
يَجُوزُ الْحَلِفُ بِبَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ دُونَ بَعْضٍ، وَكَمَا أَنَّ هَذَا
فَرْقٌ بَاطِلٌ، فَكَذَلِكَ الآْخَرُ.
وَلَوْ فَرَّقَ
مُفَرِّقٌ بَيْنَ مَا يُؤْمِنُ بِهِ وَبَيْنَ مَا لاَ يُؤْمِنُ بِهِ؛ قِيلَ لَهُ:
فَيَجِبُ الإِْيمَانُ بِالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ، وَيُؤْمِنُ بِكُلِّ مَا
أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ مِثْلَ: مُنكرٍ وَنَكِيرٍ، وَالْحُورِ الْعِينِ
وَالْوِلْدَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقْسِمَ بِهَذِهِ
الْمَخْلُوقَاتِ؛ لِكَوْنِهِ يَجِبُ الإِْيمَانُ بِهَا؟! أَمْ يَجُوزُ السُّؤَالُ
بِهَا كَذَلِكَ؟!
فَتَبَيَّنَ أَنَّ
السُّؤَالَ بِالأَْسْبَابِ إذَا لَمْ يَكُنِ الْمَسْئُولُ بِهِ سَبَبًا
لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ، فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ السُّؤَالِ بِمَخْلُوقٍ وَمَخْلُوقٍ،
كَمَا لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْقَسَمِ بِمَخْلُوقٍ وَمَخْلُوقٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ
غَيْرُ جَائِزٍ. فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ مَنْ
قَالَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
****
الشرح
قوله: «وَلاَ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ
الْمَلاَئِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ، فَضْلاً عَنْ غَيْرِهِمْ»، هذا ردٌّ على
القبوريين والصوفية، إذا كانت الملائكة والأنبياء لا يستحقون شيئًا من العبادة،
ولا يملكون شيئًا في السماوات ولا في الأرض، ولا يشاركون الله في شيء، فكيف بمن
يتعلق بهم المخرفون والطرقية، هؤلاء لا عقول لهم، ولا تفكير عندهم، ولا يتدبرون
كلام الله سبحانه وتعالى، وإلا لو تدبروا كلام الله وفهموه لعرفوا الحق، وقصروا
على
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد